كتاب فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة

سابعًا: إخفاق أكثر مشاريع الوحدة والائتلاف:
إذا كانت محاولات التجميع والتوحيد بين مختلف الطوائف العاملة في الساحة خلال التسعينيات قد باءت بالفشل؛ فإن الفشلَ ذاتَه كان واسطةَ العقدِ التي جمعت بين أكثرِ الفرقاء المتخالفينَ من العاملينَ للإسلام!
ثم جاءت الألفيةُ الجديدةُ ليقعَ أهلُ الإِسلام بين مطرقةِ النظم والحكومات الظالمة، وسندان الهجمات الصهيو صليبية على العالم الإِسلامي في أفغانه، وعراقه، وأرضه المباركة في فلسطين، ولتنسحق الشعوب العربية الإِسلامية بين ذلك سحقًا يُفَجِّرُ طاقةَ الغضبِ فيها، ويُلْهِبُ حماس الانتصارِ للآدميةِ والكرامةِ الإنسانيةِ بغضِّ النظرِ عن أية اعتباراتٍ أخرى، كما تبدَّى هذا في الثورات العربية.
ولقد كانت مرحلةُ السبعينياتِ مرحلةَ شعاراتٍ بَرَّاقَةٍ، وتَفَاؤُلٍ مُغْرِقٍ في الخيال، وطموحٍ بلا حدودٍ، وهذا كله يُذَكِّر بمرحلة ما قبل الخمسينيات، حيث كان الشعور السائد لدى شباب الإخوان بأن التغيير الكامل قد هَبَّتْ رياحه، وأشرق فجرُهُ على أيدي هذه الثُّلَّةِ المؤمنةِ، وأن النصر على قيدِ رميةِ حجرٍ، إلا أنه يبقى بين الواقع والخيال بونٌ ما، واشتركت مرحلة السبعينيات مع المرحلة السابقة في عدم تقدير واقع الأمة بفصائلها المختلفة، وقُوَاهَا المؤثرةِ تقديرًا جيدًا، مع غفلةٍ غافلةٍ عن مَواطن الضعفِ وأسبابِ الوهن في العمل الإِسلامي ذاته، فلما دار دولابُ الأحداثِ

الصفحة 60