كتاب فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة
"فالتجديد -عند الشرعيين- هو عملٌ لإحياء منارات الدين، ومواجهةٌ لتحريف المحرفين، وسعيٌ للتمكين، وحفظٌ لصلاحية الشريعة بالاجتهاد المحكم الرصين" (¬1).
"والتجديد مطلوب شرعًا وواقع قدرًا، أما وقوعه القدري ففيما أخبر عنه الله سبحانه وتعالى من حفظه الدين من التغيير إلى قيام الساعة، فقال عزَّ مِنْ قائلٍ: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [الحجر:9]، وفي هذه الآية -إضافة إلى ذلك- البشرى العظيمة ببقاء هذه الأمة ظاهرةً على الحق وعدم هلاكها، حتى مع تغلُّبِ أعدائها عليها؛ إذ لا بد من بقاء طائفة حتى يظل القرآن -عن طريقها- محفوظًا، وهو ما دَلَّ عليه حديثُ الرسول - صلى الله عليه وسلم - "لا تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرينَ على الحقِّ، لا يَضرُّهم مَنْ خَذَلَهُمْ حتى يأتيَ أمرُ الله وهُم كذلك" (¬2)، وأما طلبُهُ الشرعي ففيما جاء من التكليف بالعمل بما فيه، وتبليغه للناس، ونشره بينهم، كما دلت على ذلك الأدلة الكثيرة آمرةً بالتمسك بالدين، والعمل به، قال الله تعالى: {فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}
¬__________
(¬1) التجديد في عرض السيرة النبوية، د. محمَّد يسري، ط: 2، دار اليسر، (ص 13).
(¬2) رواه مسلم، (1920) من حديث ثوبان - رضي الله عنه -.
الصفحة 80
208