كتاب فقه الأولويات في الخطاب السلفي المعاصر بعد الثورة

-علنًا- (دكاكينهم) التي يسمونها (منظمات المجتمع المدني)؛ ليصبحوا (صوت سيدهم)، وليتحولوا -بقدرة الدولارات الأمريكية- إلى خبراء في تجديد الخطاب الديني، وهم الذين لم يُعرف عن واحد منهم التخصص في العلوم الإِسلامية، ومن قرأ منهم شيئًا في هذه العلوم؛ فإنما قرأه ليفسر الإِسلام تفسيرًا ماركسيًّا، بمنهاج المادية الجدلية والمادية التاريخية؛ كي يصبح الإِسلام (بناء فوقيًّا) أفرزه صراع الطبقات.
لقد تجاهل هؤلاء المتمركسون والعلمانيون والحداثيون قضايا الأمة الرئيسة في تحرير الأرض، وإنقاذ المقدسات، ومقاومة الهيمنة الإمبريالية الأمريكية، والفريضة الغائبة في العدل الاجتماعي، والتشرذم القُطري لعالم الإِسلام، ... إلخ، تجاهل هؤلاء المتغربون من أحفاد (بونابارت) قضايا الأمة، وشرعوا في التركيز على (الإفتاء العلماني) في مفهومهم الأمريكيِّ لتجديد الخطاب الدينيِّ للإسلام والمسلمين! " (¬1).
ويكفي أن نقدم لدعاة علمنة الإِسلام وخطابه الديني في الشرق شهادةَ شاهدٍ من أهلها (من الغرب) شهادة القس الألماني وعالم الاجتماع (جوتفرايد كونزلن) التي يقول فيها: "لقد نبعت العلمانية من التنوير الغربي، وجاءت ثمرة لصراع العقل مع الدين، وانتصاره عليه، باعتباره مجردَ أثرٍ من حقب التاريخ
¬__________
(¬1) الخطاب الديني، د. محمَّد عمارة، (ص 27 - 28).

الصفحة 90