كتاب البحث المسفر عن تحريم كل مسكر ومفتر

نقل عن القرافي1 الخلاف في ذلك2
قيل3: والأولى أن يقال: [إن أريد بالإسكار تغطية العقل، فهذه كلها صادق عليها معنى الإسكار و] 4 إن أريد بالإسكار تغطية العقل مع الطرب فهي خارجة عنه، فإنَّ إسكار الخمر يتولد منه النَّشأة، والنَّشاط، والطرب، والعربدة5، والحميَّة. والسَّكران/6 بالحشيشة ونحوها7 يكون فيه ضد ذاك.
فتقرر من هذا: أنها تحرم لمضرتها العقل، ودخولها في المفتِّر المنهي عنه، ولا يجب الحد على متعاطيها؛ لأن قياسها على الخمر مع الفارق - وهو8 انتفاء بعض الأوصاف - لا يصح9، كذا قيل10.
__________
1 في النسخ الثلاث (الغزالي) ، وهو تصحيف- قطعا- من الناسخ، إذ إن الوارد في زهر العريش 154، والزواجر 1/ 356 (القرافي) , ثم إن القرافي هو الذي خالف. انظر الحاشية التالية.
2 انظر: الفروق للقرافي 1/ 216- 217، وزهر العريش 104.
3 عون المعبود 10/ 129.
4 ما بين الحاصرتين أسقط من (ج) .
5 العَرْبَدة: سوء الخلق. الصحاح 2/ 508 مادة (عربد) .
6 نهاية ل (6) من (أ) .
7 في (ج) : (ونحوهما) .
8 في (ج) : (وقد) .
9 عون المعبود 10/ 129.
10 قال شيخ الاسلام ابن تيمية- رحمه الله- في مجموع الفتاوى 34/ 198:- ومن ظن أن الحشيشة لا تسكر وإنما تغيِّب العقل بلا لذة فلم يعرف حقيقة أمرها، فإنه لولا ما فيها من اللذة لم يتناولوها، ولا أكلوها، بخلاف البنج ونحوه مما لا لذة فيه، والشارع فرق في المحرمات بين ما تشتهيه النفوس ومالا تشتهيه، فما لا تشتهيه النفوس كالدم والميتة اكتفى فيه بالزاجر الشرعي، فجعل العقوبة فيه التعزير، وأما ما تشتهيه النفوس فجعل فيه مع الزاجر الشرعي زاجرا طبيعيا وهو الحد، والحشيشة من هذا الباب، انتهى.

الصفحة 162