كتاب ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

بثلاث خصال أعطاه الله الجنة: أولها: معرفة الله - عزَّ وجلَّ - بقلبه ولسانه وسمعه وجميع جوارحه، والثاني: أن يكون بما في يد الله أوثق مما في يديه، والثالث: يرضى بما قسم الله له، وهو مستيقن أن الله تعالى مطلع عليه، ولا يحرك شيئًا من جوارحه إلا بإقامة الحجة عند الله، فذلك حق المعرفة.
ثم بين الثقة بالله وشرحها وفسرها، فقال: (وتفسير الثقة بالله أن لا تسعى في طمع، ولا تتكلم في طمع، ولا ترجو دون الله سواه، ولا تخاف دون الله سواه، ولا تخشى من شيء سواه، ولا يحرك من جوارحه شيئًا دون الله، يعني في طاعته واجتناب معصيته» (¬1).
والثقة بالله دليل على تحقيق العبد للاستعانة بالله كلما أمرنا ربنا جل وعلا في القرآن الكريم: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬2).
«والاستعانة بالله تقوم على الثقة بالله، والاعتماد عليه. فقد يثق الإنسان بغيره، ولا يعتمد عليه في أموره، لاستغنائه عنه، وقد يعتمد عليه مع عدم ثقته به، لحاجته إليه. والله وحده هو الذي بيده كل شيء، والمستعان في كل شيء، والعبد ليس بيده شيء، وهو محتاج إلى عون ربه في كل شيء كما قال سبحانه: {وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} (¬3) والمستعان هو الله عزَّ وجلَّ.
فأهل الطاعة يستعينون به على فعل الطاعات، وترك المعاصي، كما قال سبحانه: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} (¬4). والاستعانة: طلب العون من الله على الطاعة.
¬_________
(¬1) حلية الأولياء، الأصبهاني 8/ 61.
(¬2) سورة الفاتحة، الآية: 5.
(¬3) سورة هود، الآية: 123.
(¬4) سورة الفاتحة، الآية: 5.

الصفحة 11