كتاب ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

المبحث الخامس
ثقة المسلم بالله تعالى في النصر على الأعداء
ومن ثقة المسلم بالله تعالى أنه يثق أن بالله عزَّ وجلَّ في النصر على الأعداء، طالما أخذ بالأسباب، واستعان بالله تعالى، وكان جهاده وقتاله في سبيل الله، وفي سبيل الدعوة إلى توحيد الله وعبادته وحده لا شريك له، وليس لأي غرض من أغراض الدنيا، ولعل من أبرز الشواهد والنماذج التي تؤكد هذه الثقة ما يلي:

1 - ثقة نبي الله موسى عليه السلام بالله تعالى في نصره على فرعون:
أشار القرآن الكريم في أكثر من موضع إلى قصة الصراع بين الحق والباطل، والخير والشر، وكيف أراد فرعون قتل موسى عليه السلام والتخلص منه، وكيف ظن فرعون أنه يستطيع بجنده وعتاده أن يهزم كلمة التوحيد، ولكن كانت كلمة الله هي العليا، ووثق موسى عليه السلام في نصر الله له على عدوه فرعون، ومما جاء في ذلك قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى * يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى * كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى} (¬1).
قال الطبري رحمه الله: «يقول تعالى ذكره {وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى} نبينا {مُوسَى} إذ تابعنا له الحجج على فرعون، فأبى أن يستجيب لأمر ربه، وطغى وتمادى في طغيانه {أَنْ أَسْرِ} ليلاً {بِعِبَادِي} يعني بعبادي من بني إسرائيل، {فَاضْرِبْ لَهُمْ
¬_________
(¬1) سورة طه، الآيات: 77 - 81.

الصفحة 115