كتاب ثقة المسلم بالله تعالى في ضوء الكتاب والسنة

إن الثقة بالله تعالى، واليقين بالإجابة (¬1): من أعظم الشروط لقبول الدعاء الثقة بالله تعالى، وأنه على كل شيء قدير؛ لأنه تعالى يقول للشيء كن فيكون، قال سبحانه: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (¬2)، وقال سبحانه: {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (¬3)، ومما يزيد ثقة المسلم بربه تعالى أن يعلم أن جميع خزائن الخيرات والبركات عند الله تعالى، قال سبحانه: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ} (¬4).
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث القدسي الذي رواه عن ربه تبارك وتعالى: «... يا عبادي لو أن أوَّلكم وآخركُم وإنسَكُم وجنَّكم قاموا في صعيدٍ واحدٍ فسألوني، فأعطيتُ كلَّ إنسانٍ مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقُصُ المِخيطُ إذا أُدخِلَ البَحر» (¬5).
وهذا يدل على كمال قدرته سبحانه وتعالى، وكمال ملكه، وأن ملكه وخزائنه لا تنفد، ولا تنقص بالعطاء، ولو أعطى الأولين والآخرين: من الجن والإنس جميع ما سألوه في مقام واحد (¬6)؛ ولهذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يدُ الله (¬7) ملأى لا يَغِضُها نفقةٌ سحاء (¬8) الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماء (¬9)
¬_________
(¬1) انظر: جامع العلوم والحكم، ابن رجب الحنبلي 2/ 407.
(¬2) سورة النحل، الآية: 40.
(¬3) سورة يس، الآية: 82.
(¬4) سورة الحجر، الآية: 21.
(¬5) أخرجه مسلم، كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الظلم، رقم 2577.
(¬6) جامع العلوم والحكم، ابن رجب الحنبلي 2/ 48.
(¬7) في رواية مسلم: (يمين الله ملأى)، رقم 992.
(¬8) سحَّاء: أي دائمة الصب، تصب العطاء صباً، ولا ينقصها العطاء الدائم، (الفتح 13/ 395).
(¬9) في رواية للبخاري بالجمع للسموات والأرض رقم 7441.

الصفحة 26