وقال الإمام النووي-رحمه الله تعالى-: والحكمة فيها أقوال كثيرة مضطربة قد اقتصر كل من قائليها على بعض صفات الحكمة، وقد صفا لنا منها أن الحكمة، وقد وصف لنا منها أن الحكمة: عبارة عن العلم المتصف بالأحكام المشتمل على المعرفة بالله تبارك وتعالى المصحوب بنفاذ البصيرة وتهذيب النفس وتحقق الحق والعمل به والصد عن إتباع الهوى والباطل، والحكيم من له ذلك (¬1).
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز-رحمه الله تعالى-: معناها الدعوة إلى الله بالعلم والبصيرة والأدلة الواضحة المقنعة الكاشفة للحق ولمبينة له وهي كلمة تطلق على معاني كثيرة (¬2).
يتضح مما سبق أن أسلوب الحكمة أسلوب واسع جداً يتسع لجميع أساليب الدعوة إلى الله تعالى، وينبغي لمن يطبقه أن يتصف بالعلم ونفاذ البصيرة وعدم العجلة والعنف (¬3).
ثانياً: أهمية الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى:
مما يدل على أهمية الحكمة قوله تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [النحل: 125] (¬4).
أمر الله - عز وجل - الرسول - صلى الله عليه وسلم - في هذه الآية باستخدام الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى، وعطف سبحانه الموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن عليها، مع أنهما داخلان في مفهومها، من باب عطف الخاص على العام (¬5).
¬_________
(¬1) شرح النووي على صحيح مسلم، 2/ 220.
(¬2) الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة، 23.
(¬3) انظر الدعوة إلى الله وأخلاق الدعاة، ابن باز، 25، المدخل إلى علم الدعوة، البيانوني، 245، مفهوم الحكمة في الدعوة، د، صالح بن حميد، ط 1، دار الوطن، الرياض، 1414 هـ، مفهوم الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى في ضوء الكتاب والسنة، د، سعيد بن وهف القحطاني، ط 1، بدون دار نشر، الرياض، 1425 هـ، 20 - 22.
(¬4) النحل: 125]
(¬5) انظر مفهوم الحكمة في الدعوة، صالح بن حميد، 9.