كتاب الانتصار للسلف الأخيار

قال الإمام ابن القيم رحمه الله في «أعلام الموقعين» (4/ 77 - 78): «ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في «الصحيح» من وجوه متعددة أنه قال: «خير القرون القرن الذي بعثت فيهم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن خير القرون قرنه مطلقًا، وذلك يقتضي تقديمهم في كل باب من أبواب الخير، وإلا لو كانوا خيرًا من بعض الوجوه، فلا يكونون خير القرون مطلقًا، فلو جاز أن يخطئ الرجل منهم في حكم وسائرهم لم يفتوا بالصواب، وإنما ظفر بالصواب من بعدهم وأخطئوا هم - لزم أن يكون ذلك القرن خيرًا منهم من ذلك الوجه؛ لأن القرن المشتمل على الصواب خير من القرن المشتمل على الخطأ في ذلك الفن ... ومعلوم أن فضيلة العلم ومعرفة الصواب أكمل الفضائل وأشرفها، فيا سبحان الله! أي وصمة أعظم من أن يكون الصِّدِّيق أو الفاروق أو عثمان أو علي أو ابن مسعود أو سلمان الفارسي أو عبادة بن الصامت وأضرابهم رضي الله عنهم قد أخبر عن حكم الله أنه كيت وكيت في مسائل كثيرة وأخطأ في ذلك، ولم يشتمل قرنهم على ناطق بالصواب في تلك المسائل حتى نبغ من بعدهم فعرفوا حكم الله الذي جهله أولئك السادة، وأصابوا الحق الذي أخطأه أولئك الأئمة؟ ! سبحانك هذا بهتان عظيم» اهـ.
قلت: رحم الله الإمام ابن القيم فكأنه يتكلم في مسألتنا هذه، ولا أظن الدكتور يدعي أن قرنه الذي استطاع فيه إحصاء الأسماء التسعة والتسعين بواسطة الحاسب الآلي أفضل من القرون الثلاثة الأولى المشهود لها بالخيرية! !

الصفحة 16