كتاب الانتصار للسلف الأخيار

وقال الإمام الشاطبي في «الموافقات» (3/ 56):
«فالحذر الحذر من مخالفة الأولين. فلو كان ثَمَّ فضل ما، لكان الأولون أحق به. والله المستعان» اهـ.
فيجب علينا - وعلى الدكتور كذلك - أن نتواضع لعلم السلف الصالح وأن نقر لهم بالسبق في كل باب من أبواب الدين.
كان الإمام أبو عمرو بن العلاء يقول: «ما نحن فيمن مضى إلا كبَقْل (¬1) في أصول نخلٍ طُوال» (¬2).
وأبو عمرو هذا تابعي ثقة جليل أحد الأئمة القراء السبعة، وهو يقول هذا في مشايخه من الصحابة والتابعين، فماذا نقول نحن؟ ! هل نقول: إنهم رجال ونحن رجال؟ ! أم نقول: إنهم لم يستطيعوا إحصاء الأسماء التسعة والتسعين لعدم توفر الحاسب الآلي لديهم؟ !
كلا والله، بل نقول كما قال الإمام أبو عمرو بن العلاء نقول: «ما نحن فيمن مضى إلا كقطرة في بحر خضم».
قال الإمام الشافعي في «الرسالة البغدادية» (¬3):
«وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل، وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل
¬__________
(¬1) البقل: نبات عشبي يغتذي الإنسان منه مثل الفجل والجرجير.
(¬2) كما في ترجمته من «تاريخ دمشق» (67/ 113).
(¬3) كما في «أعلام الموقعين» (1/ 79)، وانظر كلام الإمام ابن القيم بعده فإنه مهم.

الصفحة 19