كتاب الانتصار للسلف الأخيار

الحسنى، ولكن ليعلم الدكتور أن السلف الصالح وأئمة المسلمين كانوا أشد منه احتياطًا وغَيرَة على عقيدتهم أن يدخل في أسماء الله ما ليس منها، كما أنهم كانوا أورع وأتقى وأكثر علمًا وفهمًا. فلو كان الاحتياط يقتضي رد الحديث الحسن في هذا الأمر لبينوا لنا ذلك في مصنفاتهم التي صنفوها في بيان العقيدة، وهي تعد بالمئات، وإذا لم يأتنا نقل واحد منهم في ذلك دل على خطأ الدكتور فيما ذهب إليه، وأُذكِّره بقول شيخ الإسلام في «مجموع الفتاوى» (21/ 291):
«وكل قول ينفرد به المتأخر عن المتقدمين، ولم يسبقه إليه أحد منهم، فإنه يكون خطأ، كما قال الإمام أحمد بن حنبل: إياك أن تتكلم في مسألة ليس لك فيها إمام» اهـ.
كما أن هذه الحجة التي أبداها الدكتور ضعيفة في نفسها، وبيان ذلك كالآتي:
أولًا: من كان من الرواة غير تام الضبط، وحَسَّن له العلماء حديثًا، فهو في هذا الحديث بعينه تام الضبط، إنما تظهر خفة ضبطه إذا عارضه غيره، أو أنكر عليه العلماء حديثًا بعينه (¬1).
ثانيًا: إن الأئمة النقاد الذين حفظ الله بهم السنة وأوصلوها إلينا صافية من الأكدار، هؤلاء الأئمة قد بينوا في كتبهم -التي وضعوها في علل الأحاديث- أوهام الرواة وأخطاءهم، فلو افترضنا أن هذا الراوي الذي خف ضبطه قد أخطأ في اسم من أسماء الله عز وجل ورواه بالمعنى -مع
¬__________
(¬1) أفادني بهذه النكتة شيخنا العلامة الدكتور أحمد معبد عبد الكريم -حفظه الله-.

الصفحة 65