فلا بُدّ مِن أثرٍ مِن آثار العقد يكون في مقابل أثر النفقة. واختُلف في تحديد هذا الأمر:
أ/ فقيل: إن النفقة في مُقابل الاحتباس فقط, وهو قول الحنفيّة (¬1).
ب/ وقيل: إنها في مقابل التمكين (¬2). وهو قولٌ عند المالكية (¬3) , ومذهب الشافعية (¬4).
ج/ وقيل: بل بمجموع الأمرين; التمكين والاحتباس معًا. وهو قول عند المالكية (¬5) , ومذهب الحنابلة (¬6) ويُعبّرون عنه بـ (التمكين التام) , وهذا القول هو الأقرب -والله أعلم-.
وبناءً على ذلك فإن الإخلال بهذا الموجِب يُعدُّ مُسقِطًا للنفقة, ويُسمّى
¬__________
(¬1) الهداية للمرغيناني (مع حاشية اللكنوي) 3/ 375 , العناية للبابرتي 3/ 397 , مجمع الأنهر لشيخ زاده 1/ 492 , الاختيار في تعليل المختار 4/ 5, البحر الرائق 4/ 193.
والمراد بـ (الاحتباس): اللبث والمُقام في بيت الزوجيّة, وعدم الخروج منه حقيقةً أو حكمًا. [مجمع الأنهر 2/ 493].
ولذا عندَ الحنفية النشوز الحُكمي, بأن يكون البيت ملكًا للزوجة فتَمنع الزوجَ مِن دخوله [مجمع الأنهر 2/ 496 , والمصادر السابقة].
(¬2) وقد ناقش هذا القول بعض الحنفيّة. الهداية للمرغيناني (مع حاشية اللكنوي) 3/ 378.
والفرق بينه وبين علّة الاحتباس تظهر في صورة ما لو امتنعت المرأة من التمكين في بيت الزوج, فإن الحنفية القائلين بالاحتباس لا يسقطون النفقة, بخلاف هذا الرأي.
(¬3) التلقين للقاضي عبد الوهاب 1/ 299 , الكافي لابن عبد البر ص 255 , روضة المستبين لابن بزيزة 1/ 767 , البهجة للتسولي 1/ 502.
(¬4) نهاية المطلب للجويني 15/ 450 , التهذيب للبغوي 6/ 341 وصححه.
(¬5) مناهج التحصيل, للرجراجي 3/ 515.
(¬6) الكافي لابن قدامة 5/ 77 , الشرح الكبير لابن أبي عمر 21/ 468 , شرح الزركشي على الخرقي 6/ 18 , معونة أولي النهى لابن النجار 8/ 58.