كتاب التقصي لما في الموطأ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم = تجريد التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد (اسم الجزء: 1)

والذي يصح في هذا المعنى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديث ابن مسعود: "إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ أَنْسَى كمَا تَنْسَوْنَ" (¬1).
والثالث:
846 - مالكُ، أنه بلغه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَقُوْلُ: "إِذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمّ تَشَاءَمَتْ فَتِلْكَ عَيْنُ غُدَيْقَةٌ" (¬2).
وهذا أيضًا لا يحفظ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من وجه يصح من جهة الإسناد، ولا يعرف هذا الحديث بهذا اللفظ في غير "الموطأ" إلا ما رواه الشافعي عن إبراهيم بن أبي يحيى -وإبراهيم متروك الحديث- ولفظه: "إِذَا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثُمَّ اسْتَحَالَتْ شَامِيَّةً فَهُوَ أَمْطَرُ لَهَا".
ولم يسنده أيضًا، وهو منقطع عنده مع ضعفه.
والرابع: حديث معاذ؛ وقد تقدم، وما عدا هذه الأحاديث الأربعة فهي مسندة متصلة من غير رواية مالك في كتاب "التمهيد" والحمد لله.
¬__________
(¬1) أخرجه البخاريُّ (401)؛ ومسلمٌ (1211) وغيرهما.
(¬2) الموطأ (452). قال القاضي عياض في "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" (2/ 107): "قوله: (فتلك عين غُديقة)، بفتح العين الأولى وضم الثانية. قال الهروي: العين من السحاب ما عَنْ يَمِينِ قِبْلةِ العراق، فهو أخلق ما يكون للمطر، والعرب تقول: مطرنا العين، وقيل: العين المطر الذي يتوالى أيامًا".

الصفحة 513