لم يصح، إلا أن يراد بالبعث الرد بالمعنى السابق فظاهر أنه يصح" (¬1). قال الماوردي رحمه اللَّه: "فصفة الرد أن يكون إذنًا منه بالعود، وتمكينًا لهم من الرد، ولا يتولاه الإمام جبرًا إن تمانع المردود، وكذلك أذن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لأبي جندل وأبي بصير في العود، فإن أقام المطلوب على تمانعه من العود، قيل للطالب: إنت ممكن من استرجاعه، فإذا قدرت عليه لم تمنع منه، وإن عجزت عنه لم تُعَنْ عليه" (¬2).
3 - في الرد مخارج ليست في التسليم، أشار إليها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقوله كما في الصحيح: (وَيْلُ أُمِّهِ مِسْعَرَ حَرْبٍ لو كان معه رجال) (¬3)، فلما بلغت هذه الكلمة المسلمين الذين احتبسوا وردوا إلى مكة خرجوا لأبي بصير فاجتمع إليه منهم قرابة السبعين (¬4)، فأين هذا من التسليم الذي لا يكون معه أي سبيل للخلاص فهو كالأسر وزيادة. ومن المخارج أنه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لم يُعْطِهِم أَن يَرُدَّ عليهم من خرج منهم مسلمًا إلى غير المدينة في بلاد الإسلام والشرك، وإن كان قادرًا عليه. . . ولم يذكُر أَحد أنه أعطاهم في مسلم غير أهل مكة شيئًا من هذا الشرط" (¬5). ومن المخارج أيضًا: "أن للمسلم الذي يجيء من دار الحرب في زمن الهدنة قتل من جاء في طلب رده -إذا شرط لهم ذلك-؛ لأن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم ينكر على أبي بصير قتله العامري ولا أمر فيه بقود ولا دية" (¬6).
¬__________
(¬1) أسنى المطالب، 4/ 228.
(¬2) الحاوي الكبير، 14/ 365.
(¬3) "ويل أمه: كلمة تعجب، يصفه بالإقدام، والمسعر: الموقد، فالمعنى: أنه موقد حرب، يُقال: سعرت النار، وأسعرتها، فهي مسعرة ومسعورة، والمسعر الخشب الذي تسعر به النار، أي: تُوقد"، كشف المشكل، 4/ 62.
(¬4) انظر: السيرة النبوية لابن هشام، 3/ 449، والمغازي للواقدي، ص 627.
(¬5) الأم، 4/ 203.
(¬6) عمدة القاري، 14/ 19.