كتاب الاستضعاف وأحكامه في الفقه الإسلامي

الفرع الثانى: تعريف التقية اصطلاحًا:
فقد عرفها جمع من علماء المسلمين بتعريفات متقاربة منها: "أن يَقِيَ نفسه من العقوبة بما يُظْهِرُهُ، وإن كان يُضْمِرُ خِلَافَهُ، وقد كان بعض الناس يأبى ذلك ويقول: إنه من النفاق والصحيح أن ذلك جائز" (¬1).
وعرفت بأنها: "الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير" (¬2). كما عرفت بأنها: "محافظة النفس أو العرض أو المال من شر الأعداء، والعدو قسمان:
الأول: من كانت عداوته مبنية على اختلاف الدين كالكافر والمسلم.
والثاني: من كانت عداوته مبنية على أغراض دنيوية كالمال والمتاع والملك والإمارة" (¬3).
* * *

المطلب الثانى أدلة مشروعية التقية
عد بعض العلماء النطق بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب من التَقِيَّة، واستدلوا بأدلة تلك المسألة على مشروعية التَّقِيَّةِ، ومن الأدلة الأخرى على مشروعية التَّقِيَّةِ للمستضعف عند الضَرُورَة ما يلي:
قوله تعالى: {لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (¬4)، قال الطبري رحمه اللَّه: "لا تتخذوا أيها المؤمنون الكفار ظهرًا وأنصارًا توالونهم على دينهم
¬__________
(¬1) المبسوط للسرخسي، 24/ 45.
(¬2) فتح الباري، 12/ 314.
(¬3) روح المعاني، 2/ 479.
(¬4) سورة آل عمران، الآية [28].

الصفحة 397