كتاب العقود المضافة إلى مثلها

مضمون فلا بأس به» (¬1).
ثانيًا: أدلة الأقوال:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمرٍ أو زرع (¬2)، وفي روايةٍ: أعطى خيبر اليهود على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما خرج منها (¬3).
المناقشة:
1. حديث ابن عمر منسوخ بما ورد من أحاديث النهي عن المزارعة وعن المخابرة، كحديث رافع وجابر وزيد وأبي هريرة - رضي الله عنهم - وتأتي ألفاظها في أدلة القول الثاني.
الجواب:
1/عدم التسليم بدعوى النسخ لأمرين:
أولهما: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - عمل بها إلى أن مات، وعمل بها خلفاؤه الراشدون من بعده وعامة أصحابه، قال أبو جعفر محمد الباقر: (ما بالمدينة أهلُ بيتِ هجرةٍ إلا يزرعون على الثلث والربع) (¬4) وقال: (عامل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهل خيبر على الشطر، ثم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ثم أهلوهم إلى اليوم، يعطون الثلث والربع) (¬5) قال ابن قدامة: (ومثل هذا لا يجوز أن ينسخ؛ لأن النسخ إنما يكون في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما شيء عمل به إلى أن مات ثم عمل به خلفاؤه بعده وأجمعت الصحابة -رضوان الله عليهم- عليه وعملوا به ولم يخالف فيه منهم أحدٌ فكيف يجوز نسخه ومتى كان نسخه؟ فإن نسخ في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكيف عمل به بعد نسخه؟ وكيف خفي نسخه فلم يبلغ خلفاءه مع اشتهار قصة خيبر وعملهم فيها؟ فأين
¬__________
(¬1) رواه مسلم، كتاب البيوع (5/ 24) (ح 3952).
(¬2) رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب إذا لم يشترط السنين في المزارعة (3/ 105) (ح 2329)، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 26) (ح 3962).
(¬3) رواه البخاري، كتاب الحرث والمزارعة، باب المزارعة مع اليهود (3/ 105) (ح 2331) واللفظ له، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 27) (ح 3966).
(¬4) رواه البخاري معلقًا مجزومًا به، كتاب الحرث والمزارعة، باب المزارعة بشطر ونحوه (3/ 104)، ورد ابن حجر على من أنكره. فتح الباري 6/ 123.
(¬5) رواه عبد الرزاق، الموضع السابق (8/ 101)، وابن أبي شيبة، كتاب البيوع والأقضية، من لم ير بالمزارعة بالنصف وبالثلث وبالربع بأسًا (11/ 125) (ح 21642،21643) واللفظ له.

الصفحة 100