حكم المساقاة
تحرير محل النزاع: اتفق فقهاء المذاهب الأربعة -وقال ابن قدامة: (بغير خلاف) (¬1) - على أن المساقاة إذا كانت معينة بالنسبة إلى الأرض أو السقي أو الحصة تكون محرمة كالمزارعة والمضاربة (¬2).
واختلفوا في المساقاة على قدرٍ مشاعٍ معلومٍ من الخارج، وذلك على قولين:
القول الأول: جواز المساقاة، وهو قول الخلفاء الراشدين (¬3)، وسعيد المسيب وسالم والثوري والأوزاعي وإسحاق وداود وأبي ثور (¬4)، والليث والحسن بن حي وابن أبي ليلى ومن الحنفية أبو يوسف ومحمد بن الحسن (¬5)، وهو مذهب مالك (¬6) والشافعي (¬7) وأحمد (¬8) وأصحابهم.
القول الثاني: عدم جواز المساقاة، وهو قول أبي حنيفة وزفر (¬9)، ونقلت كراهته عن النخعي والحسن (¬10).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها من ثمرٍ أو زرع، وفي روايةٍ: أعطى خيبر اليهود على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما خرج منها (¬11).
وجه الدلالة: أن خيبر واسعة، ومعاملة النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت مزارعة ومساقاة، ولهذا استدل به
¬__________
(¬1) المغني 7/ 533، 551.
(¬2) المبسوط 23/ 102، المدونة 5/ 487، الذخيرة 6/ 103، نهاية المطلب 8/ 20، المهذب 6/ 145، الشرح الكبير 14/ 196، 294، وعزاه في "الأوسط" 11/ 125 للأوزاعي وأبي ثور.
(¬3) الإشراف 6/ 273 - 274، المغني 7/ 527، وتقدم تخريجها ص 100.
(¬4) الإشراف 6/ 273، المغني 7/ 530، وتقدم تخريج الآثار عن بعضهم ص 100.
(¬5) بدائع الصنائع 6/ 289، خلاصة الدلائل 1/ 602، العناية على الهداية 8/ 46، وهو المفتى به. حاشية ابن عابدين 9/ 477.
(¬6) المدونة 5/ 477، الإشراف للقاضي عبد الوهاب مع الإتحاف 3/ 1256، الفواكه الدواني 2/ 193.
(¬7) الأم 4/ 11، نهاية المطلب 8/ 5، المهذب مع تكملة المجموع 16/ 128.
(¬8) المغني 7/ 527، الإنصاف 14/ 182، كشاف القناع 9/ 6.
(¬9) بدائع الصنائع 6/ 289، خلاصة الدلائل 1/ 602، العناية على الهداية 8/ 46، التمهيد 17/ 536.
(¬10) الأوسط 11/ 109، المحلى 8/ 229.
(¬11) سبق تخريجه ص 100.