سلبه» (¬1).
وجه الدلالة: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جعل جعلًا لمن قتل قتيلًا يوم حنين، فدل على الجواز بمنطوق الحديث.
الدليل الرابع: الإجماع العملي، قال في "الفواكه الدواني": (وقد مضى عمل المسلمين على ذلك في سائر الأقطار على توالي الأمصار) (¬2).
الدليل الخامس: أن الحاجة تدعو إلى الجعالة، فإن العمل قد يكون مجهولًا، ولا تنعقد الإجارة فيه، وقد لا يجد متبرعًا بالعمل (¬3).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: أن في الجعالة تعليق التملك على الخطر، وهو التردد بين الوجود والعدم (¬4).
المناقشة: الجعالة عقدٌ جائزٌ، ولا خطر مع الجواز، ثم إن الجعالة تباح لمسيس الحاجة لها، وللأدلة السابقة (¬5).
الدليل الثاني: أن الجعالة لم توجه إلى معين، والعقد مع مجهول لا ينعقد فانتفى العقد.
المناقشة: الجعالة على قسمين: جعالة معلقة بمخاطب معين أو مخاطبين، وجعالة مبهمة، وهذا الإيراد على أحد القسمين، ثم هو غير مسلم ففي الآية {وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ} يوسف: (72) وفي الحديث: «من قتل قتيلًا فله سلبه» والمخاطب به غير معين، ثم كون الجعالة من العقود الجائزة يُسوغ مثل هذا، ولا دليل على المنع حينئذٍ.
الترجيح
الراجح جواز وصحة الجعالة.
أسباب الترجيح:
1. ما سبق من الأدلة مع مناقشة أدلة الطرف الآخر.
2. أن هذا القول متأيد بالأصل، وهو الجواز والصحة.
¬__________
(¬1) رواه البخاري، كتاب فرض الخمس، باب من لم يخمس الأسلاب ومن قتل قتيلًا فله سلبه (4/ 92) (ح 3142)، ومسلم، كتاب الجهاد والسير (5/ 148) (ح 4568).
(¬2) 2/ 172، ونقل الرملي الشافعي الإجماع عليها. نهاية المحتاج 5/ 339.
(¬3) المغني 8/ 323، نهاية المطلب 8/ 495.
(¬4) حاشية ابن عابدين 9/ 664، الموسوعة الفقهية 15/ 209.
(¬5) وهو مذهب كل القائلين بجواز الجعالة-في الجملة-: أنه عقد جائز غير لازم. الذخيرة 6/ 17، الفواكه الدواني 2/ 174، المهذب 16/ 476، نهاية المحتاج 5/ 347، الشرح الكبير 16/ 171 وقال: (لا نعلم في ذلك خلافًا)، الروض المربع 7/ 377، المحلى 8/ 204.