كتاب العقود المضافة إلى مثلها

الدليل الرابع: عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا أديت زكاة مالك قد قضيت ما عليك» (¬1).
الدليل الخامس: عن فاطمة بنت قيس - رضي الله عنها - أنه سمعته -تعني النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ليس في المال حق سوى الزكاة» (¬2).
الدليل السادس: قال ابن قدامة: (وأجمع المسلمون على جواز العارية واستحبابها) (¬3).
المناقشة: أنه ذكر بعد ذلك بأسطر: (وقيل: هي واجبة) وذكر أدلة من قال بذلك وستأتي -إن شاء الله-.
الجواب: نقل غيره الإجماع أيضًا، والمخالف محجوج بإجماع من قبله.
الدليل السابع: أن الأصل براءة الذمة، ولا يوجد دليل صريح في إيجاب العارية.
المناقشة: محصَّله المطالبة بالدليل، وقد أقامه أصحاب القول الثاني.
الدليل الثامن -وهو دال على الجواز-: عن أنس - رضي الله عنه - قال: كان فزعٌ بالمدينة فاستعار النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا من أبي طلحة يقال له المندوب فركب فلما رجع قال: «ما رأينا من شيء وإن وجدناه بحرًا» (¬4).
الدليل التاسع -وهو دال على الجواز أيضًا-: عن صفوان بن أمية - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعار منه أدراعًا يوم حنين فقال: أغصبٌ يا محمد؟ فقال: «لا بل عارية مضمونة» (¬5)، وفي
¬__________
(¬1) رواه الترمذي، أبواب الزكاة، باب ما جاء إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك (2/ 6) (ح 618)، وابن ماجه، أبواب الزكاة، باب ما أُدّي زكاته فليس بكنز (3/ 8) (ح 1788)، قال الترمذي: (حسن غريب) وفيه دراج أبو السمح، وهو ضعيف؛ لذا ضعفه الألباني في "ضعيف سنن ابن ماجه"، ولكنه رجع عن تضعيف دراج وحسَّن حديثه آخرًا إلا في أبي الهيثم (السلسلة الصحيحة 7/ 3/1383 ح 3470).
(¬2) رواه ابن ماجه، الموضع السابق (3/ 9) (ح 1789)، وهو ضعيف، علته شريك النخعي وأبو حمزة ميمون الأعور، وفي متنه اضطراب، وينظر مجموع الفتاوى (29/ 185 - 196).
(¬3) المغني 7/ 340.
(¬4) رواه البخاري، كتاب الهبة، باب من استعار من الناس الفرس (3/ 165) (ح 2627)، ومسلم، كتاب الفضائل (7/ 72) (6007)، بحرًا: أي واسع الجري كالبحر.
(¬5) رواه أبوداود، كتاب البيوع، باب في تضمين العارية (5/ 414) (ح 3562)، والنسائي في "السنن الكبرى"، كتاب العارية والوديعة (2/ 888) (ح 5747)، وأحمد (24/ 12 - 13) (ح 15302) وغيرهم، قال الترمذي: (سألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: هذا الحديث فيه اضطراب، ولا أعلم أن أحدًا روى هذا غير شريك. ولم يُقَوِّ هذا الحديث) العلل ص 188، وممن أعله بالاضطراب ابن عبد البر وابن التركماني، وأعله ابن حزم وابن القطان وابن عبد الهادي، وقال أبو نعيم: (محفوظ)، وصححه الحاكم، وقواه بمجموع طرقه البيهقي وابن كثير. المستدرك 3/ 48 - 49، المحلى 9/ 174، البدر المنير 6/ 748، الجوهر النقي 6/ 89 - 90، التنقيح 4/ 157، إرشاد الفقيه 2/ 67، التلخيص الحبير 4/ 1902.

الصفحة 189