المناقشة: أن بيان الأجل في الإجارة للتحرُّز من الجهالة المفضية إلى المنازعة، ولا يَرِدُ ذلك في العارية؛ لأنها عقد جائز غير لازم (¬1).
الجواب: أن قياس العكس يقتضي التنافي في العلة، وليس الاشتراك فيها، وما ذُكر من التفريق بينهما يلزم منه اختلاف حكم الإجارة عن العارية، وهو المطلوب إثباته.
الدليل السادس: أن العارية إباحة منافع، وليست تمليكًا، فلم يجز أن يبيحها غيره قياسًا على إباحة الطعام، والحنفية يوافقون في حكم الأصل (¬2).
المناقشة: أن في هذا الدليل مصادرةً بالمطلوب، فإن منشأ الخلاف في حقيقة العارية، والحنفية والمالكية يرون العارية تمليك منافع.
الدليل السابع: أن في إعارتها تعريضًا لها للتلف أو النقص.
الدليل الثامن: أن المعير لم ينقطع حقه في العارية، فلو جاز للمستعير أن يعير لتضرر المعير بذلك، ولا ضرر ولا ضرار.
الدليل التاسع: قياسًا على منع المستعير من الإجارة، والحنفية يوافقون على حكم الأصل.
دليل القول الرابع: يمكن أن يستدل له بالجمع بين الدليل الرابع للقول الثالث وأدلة الجواز؛ فإذا وقت المعير وقتًا فجاز له أن يعير سواء قلنا: مَلَك المنفعة فيها أو أبيحت له، وإذا لم يوقّت فللمعير أن يرجع متى شاء فليس له أن يعير.
منشأ الخلاف:
يرجع الخلاف في هذه المسألة إلى حقيقة العارية، وفيها قولان:
القول الأول: أنها تمليك للمنافع، وهو مذهب الحنفية (¬3) والمالكية (¬4).
القول الثاني: أنها إباحة للمنافع (¬5)، وهو مذهب الشافعية (¬6) والحنابلة (¬7) والكرخي من الحنفية (¬8) وابن حزم (¬9).
¬__________
(¬1) بدائع الصنائع 6/ 339.
(¬2) ينظر: المغني 7/ 347، تكملة المجموع 15/ 449.
(¬3) خلاصة الدلائل 1/ 562، اللباب 3/ 498.
(¬4) مواهب الجليل 7/ 297، الفواكه الدواني 2/ 263.
(¬5) وفي معناها: أن العارية هبة منافع. الإنصاف 15/ 65.
(¬6) مغني المحتاج 2/ 340، كفاية الأخيار ص 334.
(¬7) الشرح الكبير 15/ 63، الروض المربع 7/ 166.
(¬8) المبسوط 11/ 143، تحفة الفقهاء 3/ 283.
(¬9) المحلى 9/ 168.