كتاب العقود المضافة إلى مثلها

جمهور العلماء (¬1).
ثالثًا: إذا أودعها عند غير من يحفظ ماله أو مال المودِع في العادة، وهو ما يسميه الفقهاء الإيداع عند الحاكم أو نائبه أو الأجنبي ففيه حالتان:
الحالة الأولى: أن يكون إيداع الوديعة لغير عذر، وفيها أقوال:
القول الأول: ليس للمودَع أن يودِع لغير عذر (¬2)، وهو مذهب الحنفية (¬3) والمالكية (¬4) والشافعية (¬5) والحنابلة (¬6)، وأجازه بعضهم بإذن المودِع (¬7).
القول الثاني: يجوز للمودَع أن يودع مطلقًا، وهو قول ابن أبي ليلى (¬8) وتخريج في مذهب الحنابلة (¬9).
القول الثالث: يجوز إيداعها للحاكم مع الإقامة وعدم العذر، وهو قول للحنابلة (¬10).
الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: أن المودِع أَمَرَه أن يحفظها بنفسه بمقتضى الإيداع، ولم يرض بغيره، ولا يجوز التصرف في مال غيره إلا بإذنه أو قرينة على إذنه.
الدليل الثاني: القياس على ما لو نهاه عن إيداعها، بجامع مخالفة المودِع.
المناقشة: ليس في إيداع الوديعة مخالفة للإيداع المطلق، فيوجد فرقٌ مؤثرٌ بين مخالفة نهيه ومخالفة الإيداع المطلق.
الجواب: دل الأصل المستقر في العرف ومقتضى القرائن على أن التصرف في الوديعة بإيداعها مخالفة للمقصود من الإيداع، وهو الحفظ، كما لو استعملها أو نقلها.
الدليل الثالث: تفاوت الذمم، وتقدير الأمانات راجع لاجتهاد المودع، وقد لا يرضى أن
¬__________
(¬1) بدائع الصنائع 6/ 328، مجمع الضمانات 1/ 211، الذخيرة 9/ 162، الإنصاف 16/ 27.
(¬2) وهذا يفيد المنع، وظاهره التحريم، والله أعلم.
(¬3) المبسوط 11/ 122، بدائع الصنائع 6/ 328، الاختيار 3/ 26.
(¬4) المدونة 6/ 26 - 27، بداية المجتهد 8/ 153، الفواكه الدواني 2/ 267.
(¬5) نصّ الشافعية على أنه يضمن، وهذا يدل على المنع. المهذب 15/ 393،384، نهاية المطلب 11/ 376 - 380، 394، كفاية الأخيار ص 383.
(¬6) الإنصاف 16/ 27 - 28، الروض المربع 7/ 318، شرح منتهى الإرادات 4/ 240.
(¬7) نهاية المحتاج 6/ 113، ولا ينبغي أن يختلف فيه.
(¬8) المبسوط 11/ 122، وقد نصّ ابن أبي ليلى أنه لا ضمان عليه، فيما نُقل عنه. الإشراف 6/ 331 - 332، المغني 9/ 259.
(¬9) الفروع 7/ 213، الإنصاف 16/ 27، وذكر في الإنصاف أنه أعم من القول التالي.
(¬10) الإنصاف 16/ 28.

الصفحة 198