كتاب العقود المضافة إلى مثلها

المبحث العاشر: مكاتبة المكاتب، وفيه مطلبان:
المطلب الأول: تعريف المكاتبة وحكمها.
تعريف المكاتبة
المكاتبة والكتابة في اللغة من الكتب، وهو الجمع (¬1)، ومعناه أن يكاتبك عبدك على نفسه بثمنه فإذا أداه عتق (¬2)، وهو معناه في الاصطلاح، كما جاء:
1 - عند الحنفية: تحرير المملوك يدًا حالًا ورقبةً مآلًا (¬3).
2 - عند المالكية: عتق المكلف الرشيد عبده منجمًا (¬4).
3 - عند الشافعية: عقد عتق بلفظه بعوض منجم نجمين فأكثر (¬5).
4 - عند الحنابلة: إعتاق السيد عبده على مال في ذمته يؤدّى مؤجلًا (¬6)، وقيل: بيع سيدٍ عبده نفسَه على وجه مخصوص (¬7).
حكم المكاتبة
المكاتبة مشروعة بالإجماع (¬8)؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} النور: (33)، وحديث بريرة - رضي الله عنها - (¬9)، فإذا طلب العبد المكاتبة استُحب لسيده أن يجيبه عند أكثر العلماء (¬10)، وأوجبه عطاء (¬11) وعمرو بن دينار (¬12) وداود (¬13) وابن حزم (¬14)، وهو رواية عن الإمام أحمد (¬15)، قال ابن عبد البر: ({وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ
¬__________
(¬1) مقاييس اللغة، مادة كتب (5/ 158).
(¬2) مقاييس اللغة، مادة كتب (5/ 159)، القاموس المحيط، مادة كتب ص 128.
(¬3) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين 9/ 165.
(¬4) الفواكه الدواني 2/ 214، وينظر مواهب الجليل 8/ 480.
(¬5) مغني المحتاج 4/ 683، وينظر كفاية الأخيار ص 689.
(¬6) المغني 14/ 441.
(¬7) هداية الراغب 3/ 169، وينظر كشاف القناع 11/ 65.
(¬8) الإجماع لابن المنذر ص 150، مراتب الإجماع ص 263، الإقناع في مسائل الإجماع 2/ 128، حاشية ابن عابدين 9/ 167، الذخيرة 11/ 247، الفواكه الدواني 2/ 215، نهاية المطلب 19/ 335، مغني المحتاج 4/ 683، المغني 14/ 442، كشاف القناع 11/ 66.
(¬9) متفق عليه، وسبق تخريجه ص 211.
(¬10) حاشية ابن عابدين 9/ 167، الموطأ 2/ 344، مواهب الجليل 8/ 480، كفاية الأخيار ص 689، المغني 14/ 442.
(¬11) رواه البخاري تعليقًا مجزومًا به (3/ 151)، (قبل ح 2560)، وينظر فتح الباري 6/ 395.
(¬12) المغني 14/ 442.
(¬13) المغني 14/ 442.
(¬14) المحلى 9/ 222.
(¬15) المغني 14/ 442، فائدة: قال محقق المذهب الحنبلي في الفقه والأصول أبو الحسن المرداوي في هذه المسألة في "الإنصاف" 19/ 191: (وهي مستحبة، هذا المذهب مطلقًا بلا ريب، وعليه جماهير الأصحاب ... وعنه واجبة، إذا ابتغاها من سيده أجبر عليها بقيمته) وقال في "التحبير" 5/ 2185: (حملُ الآية - {فكاتبوهم} - على الوجوب هو الصحيح من مذهب أحمد وأصحابه)، والمذهب ما في "الإنصاف" كما في المراجع التي ذكرها فيه، وكما في "كشاف القناع" 11/ 66، بل كما في "التحبير" أيضًا 5/ 2250، و"التحبير" متأخرٌ عن "الإنصاف" في التصنيف.

الصفحة 226