كتاب العقود المضافة إلى مثلها

وجه الدلالة: أن (بيعًا) نكرة في سياق النهي فيعم كل بيع.
الدليل الثالث: عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعتاب بن أسيد: «إني قد بعثتك إلى أهل الله وأهل مكة فانههم أن يبيعوا ما لم يقبضوا» (¬1).
الدليل الرابع: ما ثبت من النهي عن بيع ما لم يُضمن، وسيأتي ذكره وتخريجه -إن شاء الله- (¬2)، وما لم يقبضه المشتري فهو من ضمان البائع (¬3)، إلا إذا مكّنه من القبض وفرَّط المشتري في ذلك، وما لم يدخل في ضمان المشتري فليس له أن يربح فيه، والبيع مظنة الربح.
الدليل الخامس: قال ابن عبد البر في "التمهيد": (ومن حجة من ذهب هذا المذهب أن عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله رويا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه» وأفتيا جميعًا ألا يباع بيعٌ حتى يقبض، وقال ابن عباس: (كل شيء عندي مثل الطعام) فدلَّ على أنهما فهما من النبي - صلى الله عليه وسلم - المراد والمعنى) (¬4).
المناقشة: أن عثمان - رضي الله عنه - خالفهما في هذا الفهم.
الجواب: أنه - رضي الله عنه - لم يرو النهي مرفوعًا، وقول ابن عباس وجابر - رضي الله عنهم - قرينة على صحة فهم العموم، وليس حجةً على غيرهما من الصحابة.
أدلة القول الرابع:
الدليل الأول: عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يبيع أحدٌ طعامًا اشتراه بكيل حتى يستوفيه (¬5)، وفي رواية: قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من اشترى طعامًا بكيل أو وزن فلا يبيعه حتى
¬__________
(¬1) رواه البيهقي، كتاب البيوع، باب النهي عن بيع ما لم يقبض وإن كان غير طعام (5/ 313) وقال: (تفرد به يحيى بن صالح الأيلي، وهو منكر بهذا الإسناد).
(¬2) ص 57.
(¬3) التمهيد 16/ 528، ومراده ببيع ما لم يضمن أي الربح في ما لم يضمن.
(¬4) المرجع السابق.
(¬5) رواه أبو داود، كتاب البيوع، باب في بيع الطعام قبل أن يستوفى (5/ 356) (ح 3495)، والنسائي، كتاب البيوع، النهي عن بيع ما اشترى من الطعام بكيل حتى يستوفى (7/ 286) (ح 4604)، وفيه المنذر بن عبيد المديني، قال عنه ابن القطان: (مجهول الحال) وقال الذهبي: (وُثق) وقال ابن حجر: (مقبول). تقريب التهذيب مع الكاشف (رقم 6889 وينظر أصله).

الصفحة 43