الأدلة:
أدلة القول الأول:
الدليل الأول: قال أبو العباس ابن تيمية: (يجوز للمستأجر أن يؤجر ما استأجره بمثل الأجرة بلا نزاع) (¬1)، فإما أن هذا الاتفاق المستفاد من قوله: (بلا نزاع) يعني به الصحابة والتابعين أو أن الرواية عن أحمد المخالفة لهذا القول لم تثبت عنه أو هي مجرد تخريج، وليست برواية.
الدليل الثاني: أن المنفعة مملوكة للمستأجر بالإجارة فله أن يتصرف فيها بما شاء كالعين المبيعة المقبوضة، ويكفي أن يقبض الأصل الذي تطرأ منه المنفعة (¬2).
الدليل الثالث: أن المؤجر ملك الأجرة بعقد الإجارة وجاز له أن يتصرف فيها كيف شاء، فكذلك المستأجر يملك العوض المقابل بالعقد نفسه، ويستفيد جواز التصرف وإطلاقه.
الدليل الرابع: أن قبض العين قام مقام قبض المنافع، بدليل جواز التصرف فيها بسكنى الدار-مثلًا-، فجاز العقد عليها (¬3).
أدلة القول الثاني:
الدليل الأول: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيعتين في بيعة وعن بيع وسلف وعن ربح ما لم يُضمن وعن بيع ما ليس عندك (¬4).
وجه الدلالة: أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ربح ما لم يضمن، والمنافع لم تدخل في ضمان المستأجر.
المناقشة:
أولًا: يجاب بالمنع، فالمنافع دخلت في ضمانه بقبضه للعين، فلو تلفت المنافع تلفت من ضمانه، والنبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن ربح ما لم يضمن، وهذا قد ضمنه فله ربحه.
ثانيًا: أن إجارتها بمثل أجرتها أو أقل ليس فيه ربح أصلًا.
¬__________
(¬1) مجموع الفتاوى 29/ 508.
(¬2) الاستذكار 17/ 417.
(¬3) المغني 8/ 54.
(¬4) رواه أبو داود، كتاب البيوع، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده (4/ 182) (ح 3504)، والنسائي، كتاب البيوع، باب سلف وبيع (7/ 295) (ح 4629)، والترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك (2/ 515) (ح 1234)، وابن ماجه، أبواب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك (3/ 308 - 309) (ح 2188) مختصرًا، وأحمد (11/ 203) (ح 6628)، واللفظ له، صححه الترمذي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن حزم وعبدالحق الإشبيلي والمنذري وابن القيم وابن تيمية والألباني. صحيح ابن حبان (ح 4321)، المستدرك 2/ 17، المحلى 8/ 520، مجموع الفتاوى 29/ 334، السلسلة الصحيحة (ح 1212)، الإرواء (ح 1305).