تمليك المالك (¬1).
المناقشة:
لم يَعُد المؤجر مالكًا للمنفعة فلا يلزم منه تمليك المالك، وإن أريد تمليك المنفعة لمالك عينها فلا محظور من ذلك؛ لما سيأتي من أدلة، وهو محل النزاع.
الدليل الثاني: أن ذلك يؤدي إلى تناقض الأحكام؛ لأن التسليم مستحَقٌّ على المؤجر، فإذا استأجر صار مستحِقًا، فيصير مستحِقًا لما يُستحق عليه، وهذا تناقض (¬2).
المناقشة:
1. أن التسليم من المؤجر قد حصل بالتمكين أو القبض للعين، والاستحقاق الثاني له تسليمٌ آخر.
2. يبطل ما ذكروه بالبيع، فإنه يُستحق على البائع تسليم العين، فإذا اشتراها استحق تسليمها (¬3) في ما لا يشترط قبضه لبيعه على الخلاف فيه.
دليل القول الثاني: أن كل عقدٍ جاز مع غير العاقد جاز مع العاقد كالبيع، إذ يجوز بيع المبيع من البائع وغيره (¬4)، ما لم يكن عينة.
دليل القول الثالث: الأصل في الجواز ما تقدم في دليل القول الثاني، ويُستدل لهم على الاستثناء بأدلة تحريم الحيل، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «قاتل الله اليهود، إن الله لما حرم عليهم شحومها جملوه ثم باعوه فأكلوا ثمنه» (¬5) وغيرها من الأدلة (¬6).
دليل القول الرابع: أنه إذا عقد عليها قبل قبضها لم يجز؛ لأن المنافع مملوكة بعقد معاوضة، فاعتبر -أي اشترط- في جواز العقد عليها القبض كالأعيان (¬7).
المناقشة:
1. أن قبض العين لا ينتقل به ضمان العين إلى المستأجر؛ لأنه أمين، فلم يقف جواز
¬__________
(¬1) حاشية ابن عابدين 9/ 153.
(¬2) الشرح الكبير على المقنع 14/ 340 - 341.
(¬3) الشرح الكبير 14/ 340 - 341.
(¬4) المهذب 16/ 331، المغني 8/ 55 مِن عند المتقدمين في مثل هذا بمعنى على في لسان أهل العصر.
(¬5) رواه البخاري، كتاب التفسير، (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) (6/ 57) (ح 4633)، ومسلم، كتاب البيوع (5/ 41) (ح 4048) جملوه أي أذابوه.
(¬6) صحيح البخاري، كتاب الحيل (9/ 22)، المغني (6/ 116) (7/ 485)، إغاثة اللهفان (1/ 470 - 530)، كتاب الحيل الفقهية لصالح بوبشيش.
(¬7) المغني 8/ 55.