الدفع للمال، بل هي العقد المقتضي للدفع (¬1).
وقد اتفقت هذه التعاريف في ما يلي:
- وجود طرفين متعاقدين.
- وجود مال من أحد الطرفين.
- وجود عمل من الطرف الآخر.
- الاشتراك في الربح.
وبهذا يكون التعريف الراجح كل تعريفٍ بأنه عقد أو شركة مشتمل على هذه الأمور الأربعة.
ويرادف كلمة المضاربة عند السلف ومن بعدهم من العلماء لفظان:
أولهما: القِراض والمقارضة، وفي اشتقاقها لغةً أقوال، فقيل: هي من القرض، وهو قطع الأرض بالسير، وقيل: من المقارضة، وهي المساواة، وقيل: من القرض، وهو القطع، كقرضتِ الفأرة (¬2).
ثانيهما: المعاملة، وهذه تسمية العراقيين، وهو لفظ يشتمل على البيع والشراء، وهذا معنى المضاربة، لكنّ هذا اللفظ لا يكاد يذكر في كتب الفقه بمعنى المضاربة إلا عند تعداد أسمائه، ولا يُبّوب به (¬3)، بل يسمى هذا العقد باسمين في كلام أهل العلم:
الأول: التسمية بالمضاربة، وهي طريقة الحنفية (¬4) والحنابلة (¬5).
الثاني: التسمية بالقِراض، وهي طريقة المالكية (¬6) والشافعية (¬7).
¬__________
(¬1) مغني المحتاج 3/ 375، حاشية ابن عابدين (التكملة) 12/ 349.
(¬2) المطلع ص 312 - 313، المصباح المنير ص 406.
(¬3) الإشراف لابن المنذر 6/ 208، بدائع الصنائع 5/ 109، منتهى الإرادات مع شرحه 3/ 564، السلم والمضاربة ص 162، عقد المضاربة ص 30.
(¬4) المبسوط 22/ 16، بدائع الصنائع 5/ 108، حاشية ابن عابدين (التكملة) 12/ 348.
(¬5) المغني 7/ 132، الشرح الكبير مع الإنصاف 14/ 54، الفروع 7/ 82، شرح منتهى الإرادات 3/ 563، الإقناع 2/ 454، واختاره بعض المعاصرين. السلم والمضاربة ص 164، عقد المضاربة ص 30.
(¬6) الموطأ 2/ 221، المدونة 3/ 629، الذخيرة 6/ 23، مواهب الجليل 7/ 438، الفواكه الدواني 2/ 189.
(¬7) الأم 4/ 5، المهذب 2/ 226، نهاية المحتاج 5/ 157، مغني المحتاج 3/ 375، كفاية الأخيار ص 321. فائدة: وجه الاسم الأول أنه الموافق للفظ القرآن, وأن العامل يضرب في الأرض، أي يسافر للتجارة، وأنه من جهة أن كل واحدٍ من المتعاقدين يضرب بسهمٍ في الربح، وهي تسمية أهل العراق، وأورد عليه بعض أصحاب القول الثاني أن رب المال ليس له من اسم المضاربة نصيب بخلاف القِراض، ووجه الثاني أن المعنى اللغوي -وهو القطع- موجود فيه؛ لأن صاحب المال اقتطع من ماله قطعة وسلّمها للعامل واقتطع له قطعة من الربح، وعلى القول باشتقاقه من المساواة والموازنة فقد بذل العامل العمل وربُّ المالِ المالَ فتوازنا، واستخدمه الصحابة -كما في الموطأ-: (لو جعلته قِراضًا)، وقالوا: (الصحابة - رضي الله عنهم - هم أهل اللسان وأرباب البيان، وإذا كان يحتج في اللغة بقول امراء القيس والنابغة فالحجة بقول هؤلاء أولى وأقوى) قاله ابن رشد الجد في "المقدمات الممهدات" 3/ 6، وينظر "مواهب الجليل" 7/ 439، ولا مشاحّة في الاصطلاح إذا فُهم المعنى؛ لأن العبرة بالحقائق والمعاني لا بالألفاظ والمباني، خاصّةً في باب العقود والمعاملات، وأصحاب القول الأول قد نصّوا على انعقاد العقد باللفظ الثاني (بدائع الصنائع 5/ 109، الشرح الكبير 14/ 54 - 55) وأشار إلى ذلك بعض أصحاب القول الثاني (مغني المحتاج 3/ 375)، والحمد لله.