أإذا كان الإذن صريحًا ففيه قولان:
القول الأول: الجواز، وهو مذهب الحنفية (¬1) والمالكية (¬2) والحنابلة (¬3).
القول الثاني: التفصيل: إن أراد المالك بالإذن أن ينسلخ العامل من حكم القراض ويكون وكيلًا عنه جاز، وإن أراد بالإذن أن يشاركه العامل الآخر في العمل والربح لم يجز، وهو مذهب الشافعية (¬4).
ب- إذا كان الإذن غير صريح، كأن يقول رب المال للعامل: اعمل فيه برأيك. ففيه قولان:
القول الأول: يجوز ذلك، وهو مذهب الحنفية (¬5) والحنابلة (¬6) ووجهٌ عند الشافعية (¬7).
القول الثاني: لا يجوز ذلك، وهو مذهب الشافعية (¬8) وروايةٌ عند الحنابلة (¬9).
الأدلة:
أولًا: أدلة المنع إذا لم يأذن المالك -محل الاتفاق-:
الدليل الأول: أن رب المال إنما دفع له المال ليضارب به، ودفعه لغيره بلا إذن يخرجه عن كونه مضاربًا وعاملًا (¬10).
الدليل الثاني: أنه بذلك يُوجِب في المال حقًا لغيره، ولا يجوز إيجاب حق في مال إنسان بغير إذنه (¬11)، وفيه ضررٌ على رب المال.
الدليل الثالث: أن المضاربة مثلُ المضاربة، والشيءُ لا يستتبع مثله، فلا يستفاد بمطلق عقد المضاربة مثله، ولهذا لا يملك الوكيل التوكيل بمطلق العقد، فكذلك هنا (¬12).
ثانيًا: دليل الجواز بالإذن الصريح: أن الحق دائرٌ بين رب المال والعامل، وقد أذن رب المال
¬__________
(¬1) خلاصة الدلائل 1/ 485، مجمع البحرين وملتقى النيرين ص 416.
(¬2) المدونة 6/ 28، التاج والإكليل 7/ 455، حاشية الدسوقي 3/ 526.
(¬3) المغني 7/ 158 وقال: (نص عليه أحمد، ولا نعلم فيه خلافًا) وكذا في "الشرح الكبير" 14/ 94.
(¬4) نهاية المطلب 7/ 495، مغني المحتاج 2/ 405، نهاية المحتاج 5/ 163.
(¬5) بدائع الصنائع 6/ 150.
(¬6) المحرر 2/ 15 - 16، الشرح الكبير 14/ 94.
(¬7) مغني المحتاج 2/ 405، نهاية المحتاج 5/ 163.
(¬8) المضاربة للماوردي (تحقيق كتاب المضاربة من الحاوي، طبع مستقلًا بهذا الاسم) ص 199.
(¬9) الشرح الكبير 14/ 94، تقرير القواعد 2/ 26، وهو مقتضى قول المالكية، بيد أنهم لم ينصوا على الإذن غير الصريح.
(¬10) الشرح الكبير 14/ 91 - 92، ونحوه في "المبسوط" 22/ 90.
(¬11) الشرح الكبير 14/ 91 - 92، ونحوه في "المبسوط" 22/ 90.
(¬12) بدائع الصنائع 6/ 150، وينظر ما سبق ص 26.