وقال الرازي (¬1) في أحكام القرآن: والذي يحتج به لقول أصحابنا قوله تعالى: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ} [الأعراف: 157]، والنجاسة لا محالة من الخبائث.
وقال: {إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ [وَالدَّمَ]} [البقرة: 173، النحل: 115].
وقال في الخمر: {رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} [المائدة: 90].
ومرَّ النَّبي - صَلَّى الله عليه وسلم - بقبرين، فقال: "إنَّهُمَا يُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كبِيرٍ. أَمَّا أَحَدُهُمَا: فَكَانَ لاَ يَسْتَبْرِأُ (¬2) مِنَ الْبَوْلِ، وَأَمَّا الآخَرُ (¬3): كَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ" (¬4). فحرَّمَ الله هذه الأشياءَ تحريماً منهما، ولَم يفرق بين اختلاطها وانفرادها (¬5) بالماء، فوجبَ تحريمُ استعمالٍ كُل مَا تيقن (¬6) فيه جزءًا من النجاسة، ويكون جهة الحظر من طريق النجاسة أولى من جهةِ الإباحةِ من طريق الماء المُبَاحِ في الأصلِ، بأنُّهُ (¬7) مَتَى اجتمع في شيءٍ جهةُ الحظر
¬__________
(¬1) هو الجصَّاص. مرّت ترجمته.
(¬2) في المخطوط: (يستنهز).
(¬3) في أحكام القرآن: (والآخر).
(¬4) أخرجه أحمد (1/ 225) وعبد بن حميد (620) والدارمي (745) والبخاري (218 و 1361) ومسلم (292) وأبو داود (20) والترمذي (70) والنسائي (1/ 28 و 29 و 106) وابن ماجه (347) وابن خزيمة (56) والبيهقي في السنن الكبرى (1/ 104) وفي إثبات عذاب القبر (117 و 118) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(¬5) في أحكام القرآن: (بين حال انفرادها واختلاطها).
(¬6) في أحكام القرآن: (تيقنا).
(¬7) في أحكام القرآن: (لأنه).