قلت: تقدّم أن هذا هو المعتمد عندي، وأنّ ما سواه ما جاء تقدم.
ثم قال: وأيضاً العلم بوجود النجاسة فيه كمشاهدتنا، كما أن علمنا بوجودها في سائر المائعات كمشاهدتنا، هذا حاصلُ ما استدل به، وهو أبسط مما في كتب الفقه، وهو منتهضٌ على من يرى: أن الماء لا ينجس إلَّا بظهور النجاسة فيه، قليلاً كان أو كثيرًا، وعلي ما زعموه من مذهب أصحاب الظاهر. واستدلوا يقول أبي يوسف، بما تقدم، من أن الضرورة تقتضي العفو.
وأقول: يدلُّ عليه:
ما روى الدارقطني (¬1)، عن ثوبان قال: قال رسول - صلى الله عليه وسلم -[11 / أ]: "الْمَاءُ طَهُورٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى رِيحِهِ، أَوْ طَعْمِهِ". وفيه: رشدين بن سعد (¬2).
ورواه: راشد بن سعد قال: قال رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -: "لاَ يُنَجّسُ الْمَاءَ إِلاَّ مَا غَيَّرَ طَعْمَهُ أَوْ رِيحَهُ" (¬3). وَهَذا مرسلٌ.
وصلهُ رشدين بن سعد (¬4)، عن معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد،
¬__________
(¬1) أخرجه الدارقطني (45) والزيلعي في نصب الراية: (1/ 95).
(¬2) في المخطوط: (رشيد بن أبي سعد) والصحيح: هو رشدين بن سعد كما في سنن الدارقطني.
(¬3) رواه عبد الرَّزاق (264) والدارقطني (1/ 29) والطحاوي في شرح معاني الآثار (ص 9) والبيهقي في معرفة السنن والآثار (2/ 83) من طريق عيسى بن يونس وأبي معاوية وأبي إسماعيل المؤدب، كلهم عن الأحوص بن حكيم، عن راشد مرسلاً.
وقال الزيلعي في نصب الراية (1/ 95): الأحوص فيه مقال.
(¬4) تحرف في المخطوط إلى: (رشيد بن أبي سعد).