إلى أن قال (¬1): ثم إنَّ النَّجاسة إذا وقعت في الحوض الكبير كيف يتوضَّأ منه؟ فنقول:
النَّجاسة لا تخلو، إمَّا أن تكون مرئيَّة، أو غير مرئيَّةٍ، فإن كانت مرئيةً كالجيفة ونحوها، ذكر في ظاهر الرِّواية: أنَّه لا يتوضَّأ من الجانب الَّذي فيه الجيفة (¬2)، و [لكن] (¬3) يتوضَّأ من الجانب الآخر، ومعناه: أنَّه يترك من موضع النّجاسة بقدر حوض صغيرٍ (¬4) ثم يتوضَّأ، كذا فسَّره في الإملاء عن أبي حنيفة؛ لأنَّا تيقَّنَّا بالنَّجاسة في ذلك الجانب وشككنا فيما وراءه (¬5).
وروي عن أبي يوسف: أنَّه يجوز التَّوضُّؤ من أيِّ جانبٍ كان إلَّا إذا تغيَّر لونهُ، أو طعمهُ، أو ريحهُ؛ لأنَّ حكمهُ حكمُ الماء الجاري.
ولو وقعت الجيفة في وسط الحوض -على قياس ظاهر الرِّواية- إن كان بين الجيفة وبين كلِّ جانبٍ من الحوض مقدار ما لا يخلص بعضه إلى بعضٍ، يجوز التَّوضُّؤ فيه وإلاَّ فلا؛ لما ذكرنا.
¬__________
= بحالٍ لو رفع إنسانٌ الماء بكفّيه انحسر أسفله، ثمّ اتصل لا يتوضّأ به، وإن كان بحالٍ لا ينحسر أسفله لا بأس بالوضوء منه. وقيل: مقدار العمق أن يكون زيادةً على عرض الدّرهم الكبير المثقال، وقيل: أن يكون قدر شبرٍ، وقيل: قدر ذراعٍ).
(¬1) أي: أبو بكر بن مسعود صاحب بدائع الصنائع.
(¬2) في بدائع الصنائع: (الذي وقعت فيه النجاسة).
(¬3) ما بين معكوفتين: من بدائع الصنائع.
(¬4) في بدائع الصنائع: (قدر الحوض الصغير).
(¬5) زاد صاحب بدائع الصنائع: (وعلى هذا قالوا فيمن استنجى في موضعٍ من حوض الحمام: لا يجزيه أن يتوضأ من ذلك الموضع قبل تحريك الماء).