كتاب تاريخ الإسلام ت بشار (اسم الجزء: 13)

بسم الله الرحمن الرحيم

- (الوفيات)
-سنة إحدى وستمائة
1 - أَحْمَد بْن سالم بْن أَبِي عَبْد اللَّه، أبو العَبَّاس المَقْدِسيّ المَرْدَاويّ الزَّاهد. [المتوفى: 601 هـ]
سَمِعَ من أَبِي طاهر السِّلَفِي، وعبد الله بْن بَرِّيّ.
سُئل الشّيخ الموفَّق عَنْهُ، فَقَالَ: كَانَ ذا دِين وورع وزهادة، وكان مُحَبَّبًا إِلى النّاس، كريمَ النّفس، كثير الضّيافة.
وقال الضّياء: كَانَ ثقةً، ديِّنًا، خَيِّرًا، جوادًا، كثيرَ الخير والصّلاة، وكان يحفظ كثيرًا من الأحاديث والفقه، وكان كثيرَ النّفع، قليلَ الشّر؛ لا يكاد أحد يصحبه إلا وينتفع به. توفي في المحرّم، وقبره بِزُرَع يُتبرَّك بِهِ، وعندهم مَنْ أخذته حُمَّى، فأَخَذ من ترابه وعلقَّه عَلَيْهِ، عُوفي بإذن الله. وكان مِن العاملين لله عَزَّ وجَلَّ. وهو والدُ شيخنا مُحَمَّد، وشيخُنا.
قلت: روى عَنْهُ الضّياء، ووصفه غيرُ واحد بالزُّهد والعبادة والمكاشفة. وعَمِلَ لَهُ الضّياء ترجمةً طويلة.
2 - أَحْمَد بْن سُلَيْمَان بْن أَحْمَد بْن سلمان بْن أَبِي شَرِيك، المحدّث المفُيِدُ، أبو العباس الحربي المُقرئ الملقّب بالسُّكَّر. [المتوفى: 601 هـ]
وُلد سنة أربعين أو قبيلها. وقرأ القراءات على أبي الفضل أحمد بن محمد بن شُنَيْف، ويعقوب بْن يوسف الحَرْبِيّ، وبواسط عَلَى أبي الفتح نصر الله -[30]- بن الكيّال، وابن الباقِلانيّ، وسَمِعَ من سعيد بْن أحمد ابن البَنَّاء وهو أكبرُ شيخٍ لَهُ، ومن أَبِي الفتح ابن البَطِّي، وظافر بْن معاوية الحَرْبِيّ، وأصحاب ابن بَيان، وأبي طالب بْن يوسف فأَكْثَرَ.
وكان عالِيَ الهمَّة، حريصًا عَلَى السَّماع والكتابة؛ رحل إِلى الشام وسَمِعَ بدمشقَ، والقدسِ، وبمكَّة.
قَالَ أَبُو عَبْد الله الدّبيثِيّ: كَانَ مُفِيدًا لأصحاب الحديث، خَرَّج مشيخةً لأهلِ الحربيَّة. وكان ثقة تلاءً للقرآن، ربما قرأ الختمة في رَكْعة أو رَكْعتين. سمعنا منه وسمِع منّا. وسألتُ يوسف بْن يعقوب الحَرْبيّ عَنْ سبب تلقيبه بالسُّكَّر، قَالَ: كَانَ صغيرًا فأحبه أَبُوهُ، وكان إذَا أقبل عَلَيْهِ وهو بين جماعةٍ أخذه، وضَمَّه إِلَيْهِ وقبّلَهُ، فكان يُلامُ في إفراط حُبّه لَهُ فيقول: هُوَ أحلى في قلبي من السُّكَّر، ويكرّر ذِكْر السُّكر، فلُقِّبَ بالسُّكّر.
وقال المُنذري: أقرأ، وحدّث بالشّام وبغداد. وكان مفيدًا لأصحاب الحديث. تُوُفّي في عاشر صفر.
قلت: روى عنه الدبيثي، والضياء، وابن خليل، وجماعة.

الصفحة 29