كتاب جمع الجوامع المعروف بـ «الجامع الكبير» (اسم الجزء: 13)

رَبُّ العَالَمِينَ فَيَقُولُ: أَلا يَتْبَعُ كُلُّ إِنْسَانٍ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ؟ ! فَيُمَثَّلُ لِصَاحِبِ الصَّلِيبِ صَلِيُبهُ، ولِصَاحِب التَّصَاوِيرِ تَصَاوِيُرهُ ولِصَاحِبِ النَّارِ نَارُهُ، فَيَتْبَعُونَ مَا كَانُوا يَعْبُدُونَ، ويَبْقَى المُسْلِمُونَ فَيطَّلِعُ عَلَيهِمْ رَبُّ العَالَمِينَ فَيقولُ: أَلَا تَتْبَعُونَ الناس؟ فَيَقُولُونَ: نَعُوذُ بِاللَّه مِنكَ، وَنَعُوذُ بِاللَّه مِنْكَ، اللَّه رَبُّنا وَهَذَا مَكَانُنَا حَتَّى نَرى رَبَّنَا، وهُوَ يَأمُرُهُمْ ويُثَبِّتهُمْ، قَالُوا: وَهَلْ نَراهُ يَا رسُولَ اللَّه؟ قَالَ: وَهَلْ تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَإِنَّكُمْ لَا تُضَارُّونَ فِى رُؤْيَتِهِ تلْكَ السَّاعَة، ثُمَّ يَتَوَارَى ثُمَّ يَطْلُعُ فَيُعَرِّفُهُمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا رَبُّكُم فَاتَّبِعُونِى، فَيَقُومُ الْمُسْلِمُونَ، وَيُوضَعُ الصِّراطُ، فَيَمُرُّ عَلَيْهِ مِثْلُ جيَادِ الْخَيْلِ والرِّكَابِ، وَقوْلهُمْ عَلَيْه: سَلِّمْ سَلِّمْ، وَيَبْقِى أَهْلُ النَّارِ فَيُطرَحُ مِنْهُمْ فِيهَا فَوجٌ، ثُمَّ يُقَالُ: هَل امْتَلأتِ؟ فَتَقُولُ: هَلْ مِنْ مَزِيدٍ؟ (ثُمَّ يُطْرَح فِيهَا فَوْجٌ فيُقَالُ: هَلِ امتلأت، فتقول: هَلْ مِنْ مَزِيد) (*) حَتَّى إِذَا أُوعِبُوا فِيهَا وَضَعَ الرَّحْمَنُ قَدَمَهُ فِيهَا وَأُزْوِى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ ثُمَّ قَالَ: قَطْ، قَالَتْ: قَطْ قَطْ، فَإِذَا أَدْخَلَ اللَّه أَهْلَ الْجَنَّة الْجَنَّةَ، وَأَهْلَ النَّارِ النَّارَ أُتِى بِالْمَوْتِ مُلَبَّبًا فَيُوقَفُ عَلَى السُّورِ الَّذِى بَيْنَ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَهْلِ النَّارِ، ثُمَّ يُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَطلُعُون خَائِفينَ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ النَّارِ، فَيَطْلُعُونَ مُسْتَبْشِرِينَ يَرْجُونَ الشَّفَاعَةَ، فَيُقَالُ: لأَهْلِ الْجَنَّةِ وأَهْلِ النَّارِ: هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا؟ فَيَقُولُونَ هَؤُلَاء وَهَؤُلاءِ: قَدْ عَرَفْنَاهُ، هُوَ الْمَوْتُ الَّذِى وُكِّلَ بِنَا، فَيُضْجَعُ فَيُذْبَحُ ذَبْحًا عَلَى السُّورِ، ثُمَّ يُقَالُ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ: خُلُودٌ بِلَا مَوْتٍ، وَيَا أَهْلَ النَّارِ: خُلُودٌ بِلَا مَوْتٍ".
ت حسن صحيح عن أَبى هريرة (¬1).
¬__________
(¬1) الحديث رواه الترمذى في سننه، جـ 4 ص 95، 96 ط بيروت، في (أبواب صفة الجنة) باب: في خلود أهل الجنة وأهل النار - برقم 2682 بلفظ: حدثنا قتيبة، أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أَبى هريرة أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "يجمع اللَّه الناس يوم القيامة في صعيد واحد" وذكر الحديث، بلفظ المصنف مع اختلاف يسير، وقال: هذا حديث حسن صحيح اهـ.
وفى النهاية في معنى (الركاب) الرُّكُب -بضم الراء والكاف-: جمع ركاب، وهى الرواحل من الإبل.
وفيها في معنى (أوعبوا فيها) فيه: "إن النعمة الواحدة لتستوعب جميع عمل العبد" أى تأتى عليه، =
===
(*) ما بين القوسين ساقط في الأصل، وأثبتناه من سنن الترمذى.

الصفحة 75