كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 13)

أن يكون شفاؤها فيه، مع تضمنه مصلحة المهر والنفقة، وثبوت الولاية على مالها، وبهذا فارق باقي العصبات، وفارق ما لو كانت صغيرة.
وإذا زوج الحاكم راجع أقاربها، وهذه المراجعة، واجبة أو مستحبة؟ فيه وجهان:
أحدهما: أنها واجبة، فعلى هذا: لا يراجع إلا من تكون له الولاية عليها لو كانت عاقلة؛ قاله المتولي، فإن شاورهم فلم يشيروا بشيء استقل الحاكم، وهذا الوجه استضعفه الإمام، وذكر في "التهذيب" أنّه الأصح.
وإذا قلنا: إنها مستحبة، شاور عصباتها، فإن لم تكن شاور أقاربها؛ كالأخ والعم من الأم والخال، قاله المتولي.
وقيل: يزوجها القريب من الأخ والعم؛ لأن النسيب أشفق وأولى من الحاكم، فعلى هذا لا ينفرد القريب، ولكنه يحتاج إلى مراجعة الحاكم؛ فيقوم إذن الحاكم مقام إذنها، فإن امتنع القريب زوج الحاكمُ كما في العضل.
ثم الحاكم أو القريب إنما يزوج عند ظهور الحاجة، وذلك بأن تَبِين مَخَايِلُ الشهوة، أو يشير أرباب الطب بأن في تزويجها توقع الشفاء، ويكون إذ ذاك واجباً عليه.
وقال ابن الصباغ: لا يزوجها الحاكم إلا إذا قال أهل الطب: إن شفاءها في ذلك، فلو انتفى ذلك، وأراد التزويج لكفاية النفقة أو لمصلحة أخرى، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه يجوز؛ كما أن [الأب يزوج بمجرد المصلحة.
وأصحهما: المنع؛ لأن تزويجها يقع إجباراً، وغير] الأب والجد لا يملك الإجبار، وإنما يصار إليه للحاجة النازلة منزلة الضرورة.
وإذا جمعت ما ذكرناه واختصرت قلت: في تفسير الحاجة ثلاثة أوجه:
أحدها: توقع الشفاء ليس إلا.
الثاني: ذلك، أو تبين مخايل الشهوة.
الثالث: ذلك، أو كفاية النفقة.
ثم هذا كله فيما إذا بلغت مجنونة، فلو بلغت عاقلة ثم جُنَّت فهل يزوجها الأب [و] الجد؟

الصفحة 32