كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 13)

ينتظر حيث ينتظر المغمى عليه، وبتقدير عدم الانتظار يجوز أن يقال: يزوجها السلطان، لا الأبعد كما في صورة الغيبة؛ لأن الأهليّة باقية، وشدة الألم مانعة من النظر كالغيبة.
ثم إذا مُنِعَ من ذكرناه من الولاية عُلم أن المجنون المطبق بذلك أولى، وقد صرح به الأصحاب، وأمَّا المجنون المنقطع ففي سلبه الولاية وجهان:
أصحهما عند الإمام وابن كجٍّ: أنه سالبٌ، وهو ما حكاه في "البحر" عن القاضي أبي الطيب حيث قال: لو كان يُجنّ يوماً ويفيق يوماً، زوَّج المرأة في يوم جنونه مَنْ دونه.
والثاني- وهو الأصح في "التهذيب"-: أنه غير سالب؛ لأنه يطرأ ويزول فهو كالإغماء؛ فعلى هذا ينتظر حتى يفيق.
وحكى الحناطي وغيره وجهاً: أنه يزوجها الحاكم في حال جنونه كما في الغيبة، ثم هذا فيما إذا طال زمن إفاقته، أما لو قصر جدّاً لم يكن حال تقطُّعِ الجنون.
والمغمى عليه بسبب لا يدوم غالباً: كهيجان المِرَّة الصفراء أو الصرع، ينتظر إفاقته كالنائم.
وإن كان بسبب يدوم يوماً أو يومين فأكثر، ففيه وجهان:
أحدهما: أنه كالمجنون؛ فتنتقل الولاية إلى الأبعد.
والأظهر: أن الولاية لا تنتقل؛ لأن ذلك قريب الزوال، وعلى هذا ففي "التهذيب" وغيره: أنه ينتظر إفاقته كالنائم.
وقال الإمام: ينبغي أن تعتبر مدة السفر، فإن كانت مدته مدة ينتظر فيها مراجعة الولي الغائب ذهاباً وإياباً فينتظر إفاقته، وإن كانت مدة لا يؤخر التزويج فيها لمراجعة الغائب، بل يزوجها السلطان، فكذلك هاهنا، والرجوع في ذلك إلى أهل الخبرة، فإن قالوا: إنه من القسم الثاني، جاز تزويجها في الحال.
والسكران إن حصل سكره بسبب يفسق [به]، وقلنا: إن الفسق غير سالب للولاية، أو كان بسبب لا يفسق به؛ بأن كان مُكرهاً أو غالطاً-: فإن لم ينفذ

الصفحة 46