كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 13)

الولاية، فإذا غاب وكان لها ولي أبعد منه انتقلت إليه- كما سنذكره- لأن ولاية الحاكم تكون بعد ولاية القريب.
وإن قلنا فيما إذا لم يكن إلا ولي واحد وغاب: إن الحاكم يزوج بالنيابة- فلا تنقل عند غيبة القريب إلى الأبعد [لو كان له] وكيل، والله أعلم.
وحكى في أصل المسألة عن القاضي أبي حامدٍ أنه يفرق في الغيبة بين الملوك وأكابر الناس فتعتبر مراجعتهم، وبين أوساط الناس والتجار فلا تعتبر. وظاهر المذهب الأول.
قال: ولم تنتقل الولاية إلى من [بعده من الأولياء]؛ لأن ولايته باقية بدليل أنه لو زوجها حيث هو صحّ، ولو كان له وكيل لم ينعزل، وفيه وجه عن ابن سريج: أن الغيبة تنقل الولاية إلى الأبعد كالجنون، وعلى الأول يستحب للحاكم أن يحضر عصباتها ويستأذنهم، أو يرد العقد إليهم؛ ليخرج عن الخلاف.
فائدة:
العاضل هل يفسّق؟ أطلق الأصحاب القول بالعصيان، وهو ما يقتضيه قول الشيخ حيث قال: "وإن كانت حرّة، ودعت إلى كفءٍ، وجب على الولي تزويجها"؛ إذ ترك الواجب يقتضي العصيان.
وقال الإمام: إن كان في الخِطَّة حاكم فلا إثم، وإلا فيعصي.
ثم على القول بالعصيان إذا عضل مرّةً واحدةً لا يفسق، وإنما يفسق [إذا عضل] مرات أقلها ثلاث، كذا حكى عن بعضهم، [على ما حكاه الرافعي عند الكلام في أن الفسق هل يسلب الولاية؟].
قال: "وقيل: إن كانت الغيبة إلى مسافة [لا] تقصر فيها الصلاة، لم يزوِّج حتى يُستأذن؛ لأنه كالحاضر".
قال الرافعي والنووي: وهو الأظهر، ويحكى عن نصّه في "الإملاء". ولفظ "المختصر" محمول على بُعْد الغيبة وقربها دون المسافة.
هكذا ذكر العراقيون من أصحابنا الوجهين وآخرون، وفصّل مفصِّلون

الصفحة 52