كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 13)

فقالوا: إن كانت الغيبة إلى مسافةٍ تقصر فيها الصلاة فيزوجها السلطان، وإن كانت بحيث يتمكن المبكِّر [إليه] من الرجوع إلى [منزله] قبل مجيء الليل، فلابدّ من مراجعته قطعاً، وفيما بين ذلك وجهان.
ثم هذا كله إذا عُرِفَ مكانه، وأمكن الوصول إليه، فإن كان مفقوداً لا تعرف حياته ولا موته- فيزوجها السلطان؛ لأن [نكاحها] قد تعذر من جهته، فأشبه ما إذا عضل، وإذا انتهى الأمر إلى غايةٍ، فحكم فيها بالموت، وقسم ماله على ورثته- فلابدّ من نقل الولاية إلى الأبعد، فإن عرف مكانه، وتعذر الوصول إليه للفتنة والخوف في الطريق، ففي "الجيلي" عن "الحلية": أنه يجوز له التزويج بدون المراجعة في أصح الوجهين، وهذا يعضده ما حكيته عن الأصحاب في باب الوديعة: أن تعذُّرَ الوصول إلى مالك الوديعة بمثل هذا التسبب عند إرادة المودَع السفر بمنزلة ما لو كان مالك الوديعة مسافراً.
فرع: هل يجب على الحاكم طلب البينة بعدم حضور الولي، وخلوها عن النكاح والعدة، أم يستحب؟ فيه وجهان في "الجيلي": [الأصح منهما:] الأول، ويكون حكم ذلك حكم الشهادة في الإفلاس في جواز الشهادة على النفي، وكونه لا يسمع إلا من أهل الخبرة الباطنة [بذلك].
وهذا إذا كان الولي الغائب ممن يزوج بغير الإذن، أمَّا إذا كان لا يزوج إلا بالإذن، فقالت: ما أذنت، فللقاضي تحليفها على نفي الإذن، وفي الحالة الأولى [على] عدم التزويج في الغيبة إن رأى ذلك، كذا حكاه الإمام.
قال الغزالي: ومثل هذه اليمين التي لا تتعلق بدعوى، استحبابٌ أو إيجاب؟ فيه خلاف.
وعلى القول بعدم وجوب البيِّنة: [لو ألحت] في المطالبة، ورأى السلطان [التأخير، هل له ذلك]؟

الصفحة 53