كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 13)

وروى [مسلم]: "يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ .. " إلى آخره، والوجاء- بالمد-: ترضيض الخصية، والباءة- بالمد- هي: القدرة على مؤن النكاح، وبالقصر: هي الوطء.
قال الجيلي عن "شرح السنن": وأصله الموضع الذي يأوي إليه [المتزوج]، [ومنه اشتق مباءة الغنم، وهو الموضع الذي تأوي إليه].
وفي "المستغرب": أن أصله المنزلن وسُمِّي به النكاح؛ لأن من تزوج امرأة بوّأها منزلاً، وأَنَّ الوطء سمي به على طريق التوسُّع.
قال: ولا يجب عليه أن يتزوج؛ لقوله تعالى: {فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} فعلقه على اختيار المرء واستطابته، والواجب ليس كذلك، وقال تعالى: {مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، وذلك لا يجب أيضاً، وفي "شرح مختصر" الجويني أن بعض الأصحاب، قال: إن خاف الزنى وجب عليه النكاح.
وهو ما حكاه الجرجاني في "المعاياة" في كتاب الحج.
قلت: ويتجه بعضَ اتجاهٍ إذا لم يقدر على التسرِّي، أمَّا إذا قدر على التسري [فلا يتعين] النكاح دافعاً لمفسدة الزنى، ونقل القاضي أبو سعد أن بعض أصحابنا بالعراق ذهب إلى أن النكاح فرض على الكفاية، وأنَّه لو امتنع منه أهل قُطْرٍ أجبروا عليه.
أمَّا إذا لم يجد أهبة النكاح فلا يستحب له أن يتزوج، بل يكسر شهوته بالصوم؛ [للحديث السابق]، فإن لم تنكسر بالصوم لم يكسرها بالكافور وغيره، [ولكن يتزوج].
ثم اعلم أن قول الشيخ: "وهو جائز التصرف"، يخرج من ليس بجائز التصرف من الحَكَمَيْنِ عند الحاجة وعدمها، وهو عند عدم الحاجة ظاهر؛ لأنه لا

الصفحة 6