كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 13)

ولو قال: بعت من فلان، فقال الوكيل: قبلت [له]- لم يصح، على ما حكاه في "التهذيب" هاهنا، وهو ما حكيته في كتاب الوكالة عن الشيخ أبي بكر، وأنه الذي اختاره الإمام، وأن الشيخ أبا محمد حكى فيه وجهين، وأيَّد وجه [الصحة بالنكاح] وفرّق الأصحاب بينه وبين النكاح بوجهين:
أحدهما: أن الزوجين في النكاح بمثابة الثمن والمثمَّن في البيع، بدليل أنَّه يشترط [بقاؤهما لبقاء] العقد، ولابد من تسمية الثمن والمثمن في البيع؛ فلابد من [تسمية الزوجين] في النكاح.
والثاني: أن البيع يَرِدُ على المال، وأنه يقبل النقل من شخصٍ إلى شخصٍ؛ فيجوز [أن يقع] العقد للوكيل، ثم ينتقل إلى الموكِّل، والنكاح يَرِدُ على البُضْع، و [أنه لا] يقبل النقل؛ ولهذا لو قبل النكاحَ وكالةً عن غيره، وأنكر ذلك الغيرُ الوكالةَ- لا يصح النكاح.
ولو اشترى بالوكالة، وأنكر [الموكل] الوكالة- وقع العقد للوكيل.
وهذا كله؛ لأن التزويج يقع من الموكِّل لا من المخاطِب، والبيع يتعلق بالمخاطِب دون من له العقد؛ ولهذا لو قال لوكيله: زوِّجْها من زيد، فقبل النكاح لزيد وكيله [صحّ]، ولو قال: بع من زيد، فباع من وكيل زيد لا يصح.
واعترض الشيخ مجلي على ذلك، فقال: وهذا على إطلاقه لا يصح، بل كان صورة صحّ فيها البيع لزيد- إمَّا بأن نسميه، أو [نقصده]- فإنه يصح، وكل موضع يئول [الأمر] إلى أن يجعل العقد للمشتري ينبغي ألا يصح.
قلت: والوجه حمل ما قاله الأصحاب على ما إذا بدأ وكيل البائع بالإيجاب، فقال: بعت منك، وقال وكيل المشتري: اشتريت لموكلي، وجوزناه، أو قال: اشتريت، ونوى موكله؛ لأن إيجاب وكيل البائع فاسد؛ لأنه لم يأذن [له] في البيع من غير زيدٍ، وقبول وكيل زيد مترتب على إيجاب فاسد؛ [فيكون فاسداً]، وحمل ما قاله مجلي على ما إذا بدأ وكيل المشتري بشِقِّ القبول،

الصفحة 9