كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 13)

ش: تقرير السؤال أن يقال: إن الله تعالى أمر عبده بالتوبة حيث قال: في كتابه الكريم: {تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً} (¬1) غير ذلك من الآيات التي فيها الأمر بالتوبة، والتوبة ترك الذنوب وترك العود إليها , ولا يوصف الرجل بالتوبة حتي يترك الذنب ويترك العود إليه، ولا يكون تائبًا بقوله: قد تبت. ألا تري إلى ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث قال: "التوبة النصوح: أن يجتنب الرجل السوء كان يعمله، فيتوب إلى الله -عز وجل- منه، ثم لا يعود إليه أبدًا"، [فهذه] (¬2) هي صفة التوبة المأمور بها في الكتاب. وأما قول التائب: أتوب إلى الله؛ فليس بشيء كما قد تقرر فيما مضي.
وأخرج ما روي عن عمر - رضي الله عنه - من طريقين:
الأول: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن موسى بن زياد عن [المخدوجي] (¬3) إسرائيل بن يونس، عن سماك بن حرب، عن النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري الخزرجي الصحابي، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
الثاني: عن أبي بكرة أيضًا، عن وهب بن جرير بن حازم، عن شعبة بن الحجاج، عن سماك بن حرب. . . . إلى آخره.
وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" (¬4): ثنا أبو الأحوص، عن سماك، عن النعمان بن بشير قال: "سئل عمر - رضي الله عنه - عن التوبة النصوح فقال: التوبة النصوح: أن يتوب العبد من العمل السيئ، ثم لا يعود إليه أبدا".
¬__________
(¬1) سورة مريم، آية: [8].
(¬2) في "الأصل": "فهذا".
(¬3) بيض له المصنف -رحمه الله-، وقال في "المغاني" بعد أن نسبه بالمخزومي: لا أعرفه، وأظنه موسى بن زياد بن موسى الذي ذكره ابن حبان في الطبقة الرابعة من الثقات، وقال: يروي عن جده يحيي بن موسى، وعنه أبو قدامة عبد الله بن سعيد.
ثم قال في "المغاني" أيضًا في ترجمة المخدومي من الأنساب: ومنهم موسي بن زياد المخدومي شيخ أبي بكرة القاضي. ولم يذكره في نسبة المخزومي.
(¬4) "مصنف بن أبي شيبة" (7/ 99 رقم 34491).

الصفحة 492