كتاب نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار (اسم الجزء: 13)
ش: أراد بالقوم هؤلاء: القاسم وعروة بن الزبير وأبا نجيح وداود بن علي فإنهم قالوا: يكره البكاء على الميت، واستدلوا علي ذلك بالحديث المذكور، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب والمغيرة بن شعبة وعمران بن حصين وعبد الله بن عمر وعبد الله بن أبي أوفي وعائشة - رضي الله عنهم -.
ص: وبما قد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه".
حدثنا ربيع بن سليمان الجيزي، قال: ثنا أحمد بن محمَّد الأزرقي، قال: ثنا عبد الجبار بن الورد، قال: سمعت ابن أبى مليكة يقول: "لما ماتت أم أبان بنت عثمان بن عفان حضرت مع الناس، فجلست بين يدي عبد الله بن عمرو وعبد الله ابن عباس - رضي الله عنهم - فبكى النساء، فقال ابن عمر: ألا تنهى هؤلاء عن البكاء؟ إني سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه، فقال ابن عباس: قد كان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول ذلك، فخرجت مع عمر حتى إذا كنا بالبيداء، إذا رَكْب، فقال: يا ابن عباس من الرَّكْب؟ فذهبت فإذا هو صهيب وأهله، فرجعت فقلت: يا أمير المؤمنين، هذا صهيب وأهله، فلما دخلنا المدينة، وأصيب عمر - رضي الله عنه - جلس صهيب يبكي عليه ويقول: واحِبَّاه، واصاحباه، فقال عمر - رضي الله عنه - لا تبك؛ فإني سمعت رسول الله -عليه السلام- يقول: إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه. قال: فذكر ذلك لعائشة - رضي الله عنها - فقالت: أمَ والله ما تحدثون هذا الحديث عن الكاذبين، ولكن السمع يخطئ، وإن لكم في القرآن لما يشفيكم: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (¬1)، ولكن رسول الله -عليه السلام- قال: إن الله -عز وجل- ليزيد الكافر عذابًا ببكاء بعض أهله عليه".
حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا إبراهيم بن بشار، قال: ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، عن ابن أبي مليكة. . . . فذكر نحوه، غير أنه لم يذكره قصة صهيب - رضي الله عنه -.
قالوا: فلما كان الميت يعذب ببكاء أهله عليه؛ كان بكاؤهم عليه مكروهًا لهم.
¬__________
(¬1) سورة النجم، آية: [38].
الصفحة 500
520