كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 13)

فقال: اللهم إذ نشدتنا فإنا نجد في التوراة الرجم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "فما أول ما ارتخصتم في أمر الله عز وجل قال: زنا ذو قرابة ملك من ملوكنا فلم يرجم ثم زنا رجل في أسرة من الناس فأرادوا رجمه فحال قومه دونه، وقالوا: ألا ترجموا صاحبنا حتى يحيى بصاحبكم فنرجمه فأصلحوا عنده بينهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإني أحكم بما في التوراة ثم أمر بهما فرجما". والتحميم تسويد الوجه بالحمم والتجبية: مفسر في الخبر ويشبه أن يكون أصله الهمز وهو يجيء من التجبية وهو الردع والردع يقال: جبأته فجبأ أي ارتدع فقلبت الهمزة هاء، والتجبية أيضًا أن ينكس رأسه فسمي بذلك الفعل تجبية، ويحتمل أن يكون من الجبة وهو الاستقبال بالمكروه وأصل الجبة إصابة الجبهة. وقوله: ألظ في النشدة أي: ألزمه القسم وألح عليه ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام" أي: اسألوا الله بهذه الكلمة [7/ب] وواظبوا على المسألة بها. والأسرة عشيرة الرجل وأهل بيته وقوله: واحكم بما في التوراة: أراد به احتجاجًا عليهم ولا يحكم إلا بما في دينه وشريعته لأنه بعث ناسخًا لشريعتهم فلا يحكم بالمنسوخ. وروى ابن عمر رضي الله عنه "أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين وكانا محصنين"، وأما الخبر الأخير فقلنا: رواه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف عند أهل الحديث.
فرع
اختلف أصحابنا في هذه الشرائط كيف تعتبر؟ فمنهم من قال: من شرط الوطء في النكاح الصحيح أن يصادف الرجل الكمال في البلوغ والعقل والحرية فإن وطئ وهو صحيح يجامع مثله في نكاح صحيح ثم بلغ لم يصر محصنًا حتى يطأ بعد البلوغ، وكذلك إذا وطء وهو مجنون لا يصير محصنًا حتى يطأ بعد العقل. وكذلك الموطوءة لا تصير محصنة حتى تكون في حال الوطء بالغةً عاقلةً حرة وهو ظاهر قول الشافعي رضي الله عنه، وإذا أصاب الحر أو أصيبت الحرة بعد البلوغ فشرط أن تكون الإصابة بعد البلوغ والحرية وهذا نص، ومن أصحابنا من قال: الاعتبار بالوطئ في النكاح الصحيح سواء صادف حالة النقصان، أو حالة الكمال لأن العقد شرط في هذا الوطء، ولا فرق بين أن يكون العقد حاصلًا في حالة النقص أو في حالة الكمال، فكذلك الوطء [8/أ] لا فرق فيه بين الحالين وهذا لأن وطء تقع به الإباحة للزوج الأول فيثبت به الإحصان كالوطء في حال الكمال، والصحيح الأول وهو المنصوص وبه قال أبو حنيفة ووجه قوله صلى الله عليه وسلم: "أو زنا بعد إحصان" فأوجب القتل على من زنا بعد الإحصان، وعلى القول

الصفحة 11