كتاب بحر المذهب للروياني (اسم الجزء: 13)

والأول اختيار أبي حامد. وقال القاضي أبو حامد: إن ثبت بالإقرار لا يحفر لها، وإن ثبت بالبينة كان بالخيار بين أن يحفر لها ومن أن لا يحفر، وقال القاضي الطبري: السنة تقتضي أنه بالخيار سواء ثبت بالبينة أو بالإقرار لأن النبي صلى الله عليه وسلم حفر للغامدية إلي الثندوة ولم يحفر للجهنية وكان الزنا ثبت بإقرارها، وقال قتادة: يحفر للرجل أيضًا كالمرأة [11/أ] وقال أبو يوسف وأبو ثور: يحفر للمرأة دون الرجل.
فرع آخر
قال أصحابنا: صفة الرجم أن يضرب بالحجارة، أو بالمدر أو بما في معنى ذلك إلي أن يموت على ما ذكرنا. وقال في "الحاوي": الاختيار أن يكون الحجر مثل الكف، ولا يكون أكبر كالصخرة فيوجبه، ولا يكون أصغر منه كالحصاة فيطول عليه ويكون موقف الرامي منه بحيث لا يبعد فيخطئه ولا يدنو منه فيؤلمه. وقال الإمام والدي رحمه الله: في الأول ثلاثة أوجه: أحدهما: أن الرجم بالحجارة الصغار. والثاني: بالكبار. والثالث: بهما جميعًا وهما سواء.
فرع آخر
فإن كان ثبت الزنا عليه بالبينة اتبع حتى يقتل، وإن كان ثبت بالإقرار قال الشافعي رضي الله عنه: إذا هرب خلى بينه وبين هربه ولم يتبع فإن عاد إلينا مقيمًا على إقراره حددناه. وهذا لما روي أن ماعزًا لما مسه حر الحجارة أخذ يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس وقد عجز أصحابه فرماه فقتله فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "هلا تركتموه لعله يتوب فيتوب الله تعالى عليه" وروي أنه قال لما مسته الحجارة وهرب: ردوني إلي محمد فإن قومي عزوني، وقالوا: إن محمدًا غير قاتلي فلما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم [11/ب] قال: "هلا رددتموه إلي لعله يتوب" وروي أنه لما مر يشتد لقيه رجل معه لحي بعير فضربه فقتله. وروي: فلما أذلقته الحجارة فر أي أصابته بحدها وذلق كل شيء حده يقال لسان ذلق طرق، وقيل: الإذلاق سرعة الرمي ومعناه أنه لما تتابع عليه وقع الحجارة من كل وجه فر.
وقال بعض أصحابنا بخراسان: إذا هرب أو امتنع من إقامة الحد عليه ولم يصرح بالرجوع فيه وجهان ذكرهما صاحب "التقريب": أحدهما: أنه كالرجوع لقوله صلى الله عليه وسلم في ماعز: "هلا تركتموه". وعلى هذا يضمن وهو اختيار أبي إسحاق. والثاني: يقام عليه الحد ولا يكون رجوعًا ويسأل عن هربه حتى يفسره استحبابًا وإنما أمرهم برد ماعز استحبابًا رجاء أن يرجع ومعنى التوبة في قوله: "لعله يتوب" الرجوع عن الإقرار إذا

الصفحة 15