كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 13)

فإذا كانت العين غير موجودة لم يصح العقد، ولهذا منع الحنفية أن يكون العقد على المنافع، فلا يقول: أجرتك ضنافع هذه الدار، وإنما يصح بإضافته إلى العين، فيقول: أجرتك هذه الدار.
ولأن المباني ليست مثلية، وإذا كانت كذلك لم تثبت في الذمة، فلا يجوز إلا أن تكون معينة (¬١).
وإذا كانت الأرض معينة، والعقار موصوفًا في الذمة ما زال دينًا في ذمة المقاول فهل يجوز للمالك تأجيره ويعتبر من قبيل السلم في المنافع؟
إذا تأملت هذا العقد وجدته مركبًا من عين معينة، وهي الأرض، ومن عقار موصوف في الذمة، فهل يصح السلم في مبيع جزؤه معين، وجزؤه غير معين موصوف في الذمة، وهل يثبت العقار في الذمة.
الصحيح أن الأرض إذا تعينت لم يصح أن يكون العقار سلمًا؛ لأن السلم لا بد أن يكون كله موصوفًا في الذمة, وحين تعين بعضه خرج من كونه سلمًا إضافة إلى أن العقار لا يثبت في الذمة لدى الفقهاء، وإذا كان من بيع المعين لم يصح بيع معين لا يملكه الإنسان ما زال دينًا في ذمة المقاول، بخلاف تأجير الدابة والشخص فيصح تأجيره ولو كان غير معين، وقياس العقار على الدابة قياس مع الفارق، ولهذا منع الفقهاء السلم في ثمار حائط بعينه، وإن كان المقصود من العقد الثمرة، وليس البستان، ومع ذلك لما عين الحائط لم يصح أن يقال: إن الثمار سلم؛ لأنها موصوفة في الذمة.
ولهذا نص المالكية على أن العقار لا يثبت دينًا في الذمة.
قال في الشرح الكبير: "لا يصح أن يكون العقار في الذمة".
---------------
(¬١) حاشية ابن عابدين (٦/ ٥).

الصفحة 418