كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 13)

وذهب الشيخ نزيه حماد إلى توصيفها تارة بحسب شكلها، وتارة بحسب المقصود والغاية منها، فجعلها من قبيل بيع الدين على غير من هو عليه بالنظر إلى شكلها، وجعلها قرضًا بفائدة باعتبار المقصود والغاية منها، وهذا محاولة منه في الجمع بين التخريجين، وعملية خصم الورقة لا بد أن تكون إما هذا أو ذاك، لا أن تكون عقدين مختلقين، وإن كان بين الدين والقرض تشابهًا من جهة الشكل، إلا أن بينهما اختلافًا من جهة المقصود: فيجتمعان: أن في كل منهما مبادلة مال بمال على سبيل التمليك، ويختلفان بالمقصود: فالمقصود من القرض الإرفاق والإحسان إلا ما كان منه مشتملًا على ربا، والمقصود من البيع: المعاوضة، وطلب الربح.
وعلى هذا فالراجح عند الشيخ نزيه أنه يراها قرضًا بفائدة، وليست من قبيل بيع دين بنقد (¬١).
يقول الشيخ نزيه: "حسم الكمبيالات صورة من صور الإقراض بفائدة التي تقوم بها البنوك التقليدية، وهو عملية محظورة شرعًا؛ لابتنائها على قاعدة القرض الربوي، ولانطوائها بلا ريب على الربا، وهو محرم شرعًا، وذلك لأمرين:
أحدهما: أننا لو أخذنا عملية خصم الكمبيالات على ظاهرها بحسب الشكل
---------------
= قال: إنها حوالة لم يقصد بتخريج الخصم على أنه حوالة؛ لأن الحوالة لا بد أن يثبت للمحال دين له على المحيل، سواء قلنا: إن هذا الدين (الخصم) بيع دين بنقد مع الحوالة، أو قلنا: إنه قرض بفائدة وحوالة، ولم يقل أحد: إن الخصم نفسه حوالة.
(¬١) لأن الأمور في المعاملات ينظر إلى الغاية والمقصود منها , وليس إلى شكلها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإنه عندما أراد أن يلخص بحثه، قال في مجلة مجمع الفقه الإِسلامي (١١/ ١/ ٤٠٤): "والمسألة الثانية: قضية حسم الكمبيالات، وهي أيضًا صورة من صور الإقراض بفائدة، والتي تقوم بها البنوك التقليدية، وهي عملية محظورة شرعًا، لابتنائها على قاعدة القرض الربوي"، فهنا الشيخ حسم أمره، واعتبرها من القرض بفائدة.

الصفحة 630