كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 13)

- وفي رواية: «عن أبي زميل الحنفي، قال: حدثنا عبد الله بن عباس، رضي الله عنه، قال: لما اعتزلت الحروراء، فكانوا في دار على حدتهم، فقلت لعلي: يا أمير المؤمنين، أبرد عن الصلاة، لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم، قال: إني أتخوفهم عليك، قلت: كلا، إن شاء الله تعالى، قال: فلبست أحسن ما أقدر عليه من هذه اليَمَانِيَة، قال: ثم دخلت عليهم، وهم قائلون في نحر الظهيرة، قال: فدخلت على قوم، لم أر قوما قط أشد اجتهادا منهم، أيديهم كأنها ثفن الإبل، ووجوههم معلمة من آثار السجود، قال: فدخلت، فقالوا: مرحبا بك يا ابن عباس، ما جاء بك؟ قلت: جئت أحدثكم عن أصحاب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم عليهم نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله، فقال بعضهم: لا تحدثوه، وقال بعضهم: والله لنحدثنه، قال: قلت: أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وختنه، وأول من آمن به، وأصحاب رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم معه؟ قالوا: ننقم عليه ثلاثا، قال: قلت: وما هن؟ قالوا: أولهن؛ أنه حكم الرجال في دين الله، وقد قال الله: {إن الحكم إلا لله}، قال: قلت: وماذا؟ قالوا: وقاتل، ولم يسب، ولم يغنم، لئن كانوا كفارا لقد حلت له أموالهم، ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم؟ قال: قلت: وماذا؟ قالوا: محا نفسه من أمير المؤمنين، فإن لم يكن أمير المؤمنين، فهو أمير الكافرين، قال: قلت: أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيه صَلى الله عَليه وسَلم ما لا تنكرون، أترجعون؟ قالوا: نعم، قال: قلت: أما قولكم: حكم الرجال في دين الله، فإن الله تعالى يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} إلى قوله: {يحكم به ذوا عدل منكم}، وقال في المرأة وزوجها: {وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها}، أنشدكم الله، أحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم، وإصلاح ذات بينهم أحق، أم في أرنب ثمنها ربع درهم؟ قالوا: اللهم بل في حقن دمائهم، وإصلاح ذات بينهم، قال: أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم، قال: وأما قولكم: إنه قاتل ولم يسب، ولم يغنم، أتسبون أمكم عائشة، أم تستحلون

⦗٣٨٦⦘
منها ما تستحلون من غيرها؟ فقد كفرتم،

الصفحة 385