كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 13)

- وفي رواية: «عن سعيد بن جبير، قال: سلوني يا معشر الشباب، فإني أوشكت أن أذهب من بين أظهركم، فأكثر الناس مسألته، فقال له رجل: أصلحك الله، أرأيت المقام، هو كما كنا نتحدث؟ قال: ماذا كنت تتحدث؟ قال: كنا نقول: إن إبراهيم، عليه السلام، حين جاء، عرضت عليه أم إسماعيل النزول فأبى، فجاءت بهذا الحجر، فقال: ليس كذلك، قال سعيد: قال ابن عباس: أول ما اتخذت النساء المنطق، من قبل أم إسماعيل، اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة، ثم جاء بها إبراهيم، وبابنها إسماعيل، وهي ترضعه، حتى وضعهما عند البيت، عند دوحة فوق زمزم، في أعلى المسجد، وليس بمكة يومئذ أحد، وليس بها ماء، فوضعهما هنالك، ووضع عندهما جرابا فيه تمر، وسقاء فيه ماء، ثم قفى إبراهيم منطلقا، فتبعته أم إسماعيل، فقالت: يا إبراهيم، أين تذهب وتتركنا بهذا الموضع، ليس فيه إنس ولا شيء؟ فقالت له ذلك مرارا، وهو لا يلتفت إليها، فقالت له: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذا لا يضيعنا، ثم رجعت، فانطلق إبراهيم، عليه السلام، حتى إذا كان عند الثنية، حيث لا يرونه، استقبل بوجهه البيت، ثم دعا بهذه الدعوات: {ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك المحرم}، حتى {يشكرون} وجعلت أم إسماعيل ترضع إسماعيل، وتشرب من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السقاء عطشت، وعطش ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى، أو قال: يتلبط، فانطلقت كراهية أن تنظر إليه، فوجدت الصفا أقرب جبل يليها، فقامت عليه، ثم استقبلت الوادي تنظر، هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، فهبطت من الصفا، حتى إذا بلغت الوادي، رفعت طرف درعها، وسعت سعي الإنسان المجهود، حتى جاوزت

⦗٤٢٠⦘
الوادي، ثم أتت المروة، فقامت عليها، ونظرت هل ترى أحدا، فلم تر أحدا، ففعلت ذلك سبع مرات.

الصفحة 419