وقالت امرأة فرعون لخزانها وظؤورها وقهارمتها: لا يبقين أحد منكم إلا استقبل ابني اليوم بهدية وكرامة، لأرى ذلك فيه، وأنا باعثة أمينا يحصي كل ما يصنع كل إنسان منكم، فلم تزل الهدايا والكرامة والنحل تستقبله، من حين خرج من بيت أمه، إلى أن دخل على امرأة فرعون، فلما دخل عليها، نحلته وأكرمته، وفرحت به، ونحلت أمه بحسن أثرها عليه، ثم قالت: لآتين فرعون فلينحلنه وليكرمنه، فلما دخلت به عليه جعله في حجره، فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض، قال الغواة من أعداء الله لفرعون: ألا ترى ما وعد الله إبراهيم نبيه، إنه زعم أن يربك ويعلوك ويصرعك، فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه، وذلك من الفتون يا ابن جبير، بعد كل بلاء ابتلي به، وأريد به فتونا، فجاءت امرأة فرعون، فقالت: ما بدا لك في هذا الغلام الذي وهبته لي؟ فقال: ألا ترينه، إنه يزعم سيصرعني ويعلوني، قالت: اجعل بيني وبينك أمرا يعرف فيه الحق، ائت بجمرتين ولؤلؤتين، فقربهن إليه، فإن بطش باللؤلؤ، واجتنب الجمرتين، عرفت أنه يعقل، وإن تناول الجمرتين، ولم يرد اللؤلؤتين، علمت أن أحدا لا يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل، فقرب ذلك إليه، فتناول الجمرتين، فنزعوهما منه مخافة أن يحرقا يديه، فقالت المرأة: ألا ترى؟! فصرفه الله عنه بعد ما كان قد هم به، وكان الله بالغا فيه أمره، فلما بلغ أشده، وكان من الرجال، لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني إسرائيل معه بظلم، ولا سخرة، حتى امتنعوا كل الامتناع، فبينما
⦗٤٣١⦘
موسى، عليه السلام، يمشي في ناحية المدينة، إذ هو برجلين يقتتلان، أحدهما فرعوني، والآخر إسرائيلي، فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني، فغضب موسى، عليه السلام، غضبا شديدا، لأنه تناوله، وهو يعلم منزله من بني إسرائيل، وحفظه لهم، لا يعلم الناس إلا أنما ذلك من الرضاع، إلا أُم موسى، إلا أن يكون الله سبحانه أطلع موسى، عليه السلام، من ذلك على ما لم يطلع عليه غيره، ووكز موسى الفرعوني فقتله، وليس يراهما أحد إلا الله، عز وجل، والإسرائيلي،