كتاب المسند المصنف المعلل (اسم الجزء: 13)

قال سعيد: فلقيني رجل من أهل النصرانية، من علمائهم، قال: هل تدري أي الأجلين قضى موسى؟ قلت: لا، وأنا يومئذ لا أدري، فلقيت ابن عباس، فذكرت ذلك له، فقال: أما علمت أن ثمانيا كانت على نبي الله واجبة، لم يكن نبي الله صَلى الله عَليه وسَلم لينقص منها شيئا، ويعلم أن الله كان قاضيا عن موسى عدته التي وعده، فإنه قضى عشر سنين، فلقيت النصراني فأخبرته ذلك، فقال: الذي سألته فأخبرك أعلم منك بذلك؟ قلت: أجل وأولى، فلما سار موسى بأهله، كان من أمر النار (¬١) والعصا ويده ما قص الله عليك في القرآن، فشكا إلى الله سبحانه ما يتخوف من آل فرعون، في القتيل، وعقدة لسانه، فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير الكلام، وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون، يكون له ردءا، ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به لسانه، فآتاه الله سؤله، وحل عقدة من لسانه، وأوحى الله إلى هارون، وأمره أن يلقاه، فاندفع موسى بعصاه، حتى لقي هارون، عليه السلام، فانطلقا جميعا إلى فرعون، فأقاما على بابه حينا لا يؤذن لهما، ثم أذن لهما بعد حجاب شديد، فقالا: إنا رسولا ربك، قال: فمن ربكما؟ فأخبراه بالذي قص الله عليك في القرآن، قال: فما تريدان، وذكره القتيل، فاعتذر بما قد سمعت، قال: أريد أن تؤمن بالله، وترسل معي بني إسرائيل، فأبى عليه، وقال: ائت بآية إن كنت من الصادقين، فألقى عصاه، فإذا هي حية عظيمة، فاغرة فاها، مسرعة إلى فرعون، فلما رآها فرعون قاصدة إليه خافها، فاقتحم عن سريره، واستغاث بموسى أن يكفها عنه، ففعل، ثم أخرج يده من جيبه، فرآها بيضاء من غير سوء، يعني من غير برص، ثم ردها، فعادت إلى لونها الأول، فاستشار الملأ حوله فيما رأى، فقالوا له: هذان ساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما، ويذهبا بطريقتكم المثلى، يعني ملكهم الذي هم فيه والعيش، فأَبوا على موسى أن يعطوه شيئًا مما طلب، وقالوا له: اجمع لهما

⦗٤٣٤⦘
السحرة، فإنهم بأرضك كثير، حتى يغلب سحرك سحرهما،
---------------
(¬١) تحرف في المطبوع إلى: «الناس»، وأثبتناه عن «مسند أبي يَعلى»، و «مَجمَع الزوائد».

الصفحة 433