٦٦٠٣ - عن أبي رافع، قال: كان أَبو لؤلؤة عبدًا للمغيرة بن شعبة، وكان يصنع الأرحاء، وكان المغيرة يستغله كل يوم أربعة دراهم، فلقي أَبو لؤلؤة عمر، فقال: يا أمير المؤمنين، إن المغيرة قد أثقل علي غلتي، فكلمه يخفف عني، فقال له عمر: اتق الله، وأحسن إلى مولاك، ومن نية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه يخفف، فغضب العبد، وقال: وسع الناس كلهم عدله غيري؟! فأضمر على قتله، فاصطنع خنجرا له رأسان، وشحذه وسمه، ثم أتى به الهرمزان، فقال: كيف ترى هذا؟ قال: أرى أنك لا تضرب بهذا أحدا إلا قتلته، قال: فتحين أَبو لؤلؤة، فجاء في صلاة الغداة، حتى قام وراء عمر، وكان عمر إذا أقيمت الصلاة، فتكلم، يقول: أقيموا صفوفكم ـ كما كان يقول ـ فلما كبر، وجأه أَبو لؤلؤة في كتفه، ووجأه في خاصرته، فسقط عمر، وطعن بخنجره ثلاثة عشر رجلا، فهلك منهم سبعة، وأفرق منهم ستة، وجعل عمر يذهب به إلى منزله، وصاح الناس، حتى كادت تطلع الشمس، فنادى عبد الرَّحمَن بن عوف: يا أيها الناس، الصلاةَ، الصلاةَ، الصلاة، قال: وفزعوا إلى الصلاة، فتقدم عبد الرَّحمَن بن عوف، فصلى بهم بأقصر سورتين من القرآن، فلما قضى صلاته، توجهوا إلى عمر، فدعا بشراب لينظر ما قدر جرحه، فأتي بنبيذ فشربه، فخرج من جرحه، فلم يدر أنبيذ هو أم دم، فدعا بلبن فشربه، فخرج من جرحه، فقالوا: لا بأس عليك يا أمير المؤمنين، فقال: إن يكن للقتل بأس فقد قتلت، فجعل الناس يثنون عليه، يقولون: جزاك الله خيرًا يا أمير المؤمنين، كنت وكنت، ثم ينصرفون، ويجيء قوم آخرون فيثنون عليه، فقال عمر: أما والله على ما يقولون، وددت أني خرجت منها كفافا، لا علي ولا لي، وأن صحبة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم قد سلمت لي.
فتكلم عبد الله بن عباس، وكان عند رأسه، وكان خليطه كأنه من أهله، وكان ابن عباس يقرأ القرآن، فتكلم عبد الله بن عباس، فقال: والله، لا تخرج منها كفافا، لقد صحبت رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم فصحبته خير ما صحبه صاحب، كنت
⦗٤٩٧⦘
له، وكنت له، وكنت له، حتى قبض رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم وهو عنك راض، ثم صحبت خليفة رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم ثم وليتها يا أمير المؤمنين أنت، فوليتها بخير ما وليها وال، كنت تفعل، وكنت تفعل، فكان عمر يستريح إلى حديث ابن عباس، فقال عمر: يا ابن عباس، كرر علي حديثك، فكرر عليه، فقال عمر: أما والله على ما تقولون، لو أن لي طلاع الأرض ذهبا، لافتديت به اليوم من هول المطلع، قد جعلتها شورى في ستة: في عثمان، وعلي، وطلحة بن عُبيد الله، والزبير بن العوام، وعبد الرَّحمَن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وجعل عبد الله بن عمر معهم مشيرا، وليس منهم، وأجلهم ثلاثا، وأمر صهيبا أن يصلي بالناس (¬١).
أخرجه أَبو يَعلى (٢٧٣١). وابن حبان (٦٩٠٥) قال: أخبرنا أحمد بن علي بن المثنى، قال: حدثنا قطن بن نُسير الغبري، قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، قال: حدثنا ثابت البُنَاني، عن أبي رافع، فذكره (¬٢).
---------------
(¬١) اللفظ لأبي يَعلى.
(¬٢) مَجمَع الزوائد ٩/ ٧٦، والمقصد العَلي (١٣٠٥)، وإتحاف الخِيرَة المَهَرة (٣٤١٢ و ٦٥٩٣)، والمطالب العالية (٣٩٠١).
والحديث؛ أخرجه الطبراني (١٢٨٩٣)، والبيهقي ٤/ ١٦ و ٨/ ٤٨.