كتاب فتوح الغيب في الكشف عن قناع الريب (حاشية الطيبي على الكشاف) (اسم الجزء: 13)

إلى الإيمان. {وَنَكْتُبُ مَا} أسلفوا من الأعمال الصالحة وغيرها، وما هلكوا عنه من أثر حسن، كعلم علموه، أو كتاب صنفوه، أو حبيس أحبسوه، أو بناء بنوه: من مسجد، أو رباط، أو قنطرة، أو نحو ذلك؛ أو سيئ؛ كوظيفة وظفها بعض الظلام على المسلمين، وسكة أحدثها فيها تخسيرهم، وشيء أحدث فيه صد عن ذكر الله؛ من ألحان وملاه، وكذلك كل سنة حسنة أو سيئة يستن بها، ونحوه قوله عز وجل: {يُنَبَّأُ الإنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وأَخَّرَ} [القيامة: 13] أي: قدم من أعماله، وأخر من آثاره.
وقيل: هي آثار المشائين إلى المساجد. وعن جابر: أردنا النقلة إلى المسجد والبقاع حوله
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قوله: (وما هلكوا عنه) أي: ماتوا وتركوا، وهو عطف على "ما أسلفوا"، وقوله: "أثر حسن" نشر لقوله: "ما أسلفوا"، وقوله: " أو سيئ كوظيفة" نشر لقوله: "وما هلكوا".
قوله: (أو حبيس) أي: وقف. النهاية: يقال: حبست أحبس حبسًا، وأحبست أحبس إحباسًا، أي: وقفت. والاسم الحبس بالضم.
قوله: (أو سكة أحدثها فيها تخسيرهم) أي: فيها ذهاب مال المسلمين. الأساس: ومن المجاز: خذ في هذه السكة أي: في هذه الطريقة وأنت عامل على سكة واضحة. وعن بعضهم: السكة: الحديدة التي يحرث بها. وسكة الدراهم، وطريقة النخل، وواحد السكك سكة إذا أثبته.
قوله: (وعن جابر) الحديث من رواية الترمذي عن أبي سعيد قال: كانت بنو سلمة في ناحية المدينة فأرادوا النقلة إلى قرب المسجد فنزلت: {إنَّا نَحْنُ نُحْيِي المَوْتَى ونَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وآثَارَهُمْ} [يس: 12]، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن آثاركم تكتب" فلم ينتقلوا.

الصفحة 18